اللجوء إلى السحرة لم يعد وسيلة يستعين بها الخصوم في صراعاتهم وتصفية حساباتهم، بل أصبح يستخدم للسيطرة على مفاصل علاقة الرحمة والمودة التي تجمع بين الأزواج، حينما تعصف بحياتهم رياح الشقاق، وتتملكهم روح السيطرة والظنون. وذكرت دراسة أعدها مركز البحوث والدراسات الإسلامية التابع لوكالة وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف أن هناك انتشارا لممارسات السحر بين الأزواج. وتختلف أهداف الأزواج في اللجوء إلى السحرة؛ فهناك زوجة تسعى إلى أن تسيطر على زوجها تماما، وأخرى تحاول أن تمنعه من الزواج عليها.. ومن زوج يسعى للسيطرة على أموال زوجته، وآخر يحاول أن يجعلها كالخاتم في أصبعه فالجميع يتسابقون إلى كتابة الفصل الأخير في (قصة زواج) وهم يظنون أنهم يحسنون صنعا. استغلال الأطفال وتقول السيدة أم معتز: “بعد انفصالي عن زوجي بواسطة المحكمة منذ عام تقريبا لاحظت عليه أخيرا كثرة تردده علينا لزيارة أبنائه الذين بدؤوا يتصرفون بغرابة لفترة من الوقت، فأضطررت إلى استجوابهم فاعترف أحدهم (ست سنوات) بأن والده طلب منه أن يحضر له بعضا من ملابسي الخاصة جدا. فيما أقر آخر (تسع سنوات) بأن والده طلب منه أيضا أن يجعلني أشرب من قارورة ماء أحضرها حتى يجتمع شملنا مرة أخرى”. وذكرت أنها كادت تفقد عقلها بسبب إقدام زوجها على استغلال براءة أطفاله في أمور كهذه، كما تألمت لفكرة أن تعود إلى طليقها بالسحر لا بالإقناع. الطاعة بالتهديد أما عن ماجدة فتقول: “تزوجت وأنا صغيرة ولم أكن أعرف عن السحر والشعوذة إلا ما جاء في القرآن أو ما ينشر في وسائل الإعلام.. ولكني لاحظت بعد مرور خمس سنوات على زواجي أن زوجي وكل ما وقع خلاف بيننا يهددني بسحري حتى أتأدب وأنفذ رغباته دون نقاش”. وأضافت أن زوجها كثير السفر إلى الخارج وفي كل مرة يعود فيها كان يتحدث عن السحر بكثرة وأنه يتمنى أن يسحرني حتى أكون مثل الريموت كنترول في يده. المنطق والعقل وتسألت ماجدة: “لماذا تكون طاعة الزوجة وتأديبها عن طريق السحر الذي يعتبر من أكبر الكبائر والمحرمات؟ لماذا لا يلجأ الزوج إلى الحكمة والكلام الطيب واللين في الحصول على قلب زوجته وطاعته له فيما يرضي الله بقناعتها هي ورغبتها”. وطالبت كل رجل يريد أن ينزع عن زوجته شخصيتها أن يعيد قراءة السيرة النبوية فسيجد أن الزوجة لها حقوقها، فإذا ما اتبع هذه السيرة وسار على نهجها سيعيش حياة زوجية مستقرة دون الحاجة إلى سحر أو شعوذة. السحر كفر ويقول الشيخ محمد الحمد إن السحر من الكوارث التي تهدم بيوت المسلمين وتثير الفتنة بشكل كبير خصوصا فيما يخص التفريق بين الأزواج من باب الغيرة والحسد، أو لتنفيذ الرغبات الخاصة واستغلال طرف لآخر سواء كان زوجا أو زوجة. وأشار إلى ما جاء في سورة البقرة في هذا الشأن، قوله تعالى: “وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ”. حيث دلت هذه الآيات على أن السحر كفر وأن السحرة يفرقون بين المرء وزوجه. كما ذكر أن مسلم روى في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “من أتى عرافا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين يوما”. وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “من أتى كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم”، رواه أبو داود وخرجه أهل السنن الأربع وصححه الحاكم عن النبي صلى الله عليه وسلم بلفظ: “من أتى عرافا أو كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم”. وكل تلك الأحاديث الشريفة تدل على النهي عن السحر وتصديق السحرة فيما يقولون. وحث الشيخ الحمد على المداومة في قراءة القرآن وخاصة سورة البقرة وآل عمران والرقية الشرعية لكي يحفظهم الله من كل سوء وشر.