ما أجمل الصداقة في حياة كل إنسان؛ فهي علاقة إنسانية نبيلة ونقية وبناءة وثرية بالمشاعر الرقيقة والمحبة الخالصة.. وكلما مرت الأيام والسنون على علاقة الصداقة ازدادت عمقا وأصالة وقوة. لذلك فإن أمتن وأقوى الصداقات هي التي تنمو أيام الطفولة؛ فالصداقة في السنوات الأولى من العمر تحكمها البراءة في التعامل التلقائي والميل الطبيعي؛ لأنها تقوم بسبب الاشتراك في لعبة، أو الإحساس بالحرية في التعبير والتعامل أو بسبب القرابة أو الصداقة بين الأسرتين. وغالبا ما تدوم وتقوى تلك الصداقة التي تقوم خلال السنوات الأولى من العمر، وتصبح هي الصداقات الحقيقية التي يكبر بها الشخص؛ لذلك فمن المهم أن يحرص الآباء على أن يتيحوا الفرصة لكي يعقد أبناؤهم الصداقات الجميلة مع نظرائهم. ويؤكد علماء النفس أن الصداقة تساعد الطفل على النمو النفسي والحركي والاجتماعي، كما أنها تعمل على تنمية شخصيته، كما تبعد الطفل عن العزلة، إضافة إلى أنها تساعده في التغلب على مشاكل الكلام، وتفرغ الشحنات الزائدة من الطاقة عنده، وذلك عند القيام باللعب وممارسة الهوايات، ومن ثم فإنها تخفف من العنف والرغبة في التدمير؛ ما يساعد الطفل على التركيز في الأمور المهمة الأخرى مثل مذاكرة الدروس. فبكل المقاييس تعمل الصداقة على إعفاء الطفل من الكثير من المتاعب والأمراض النفسية، خصوصا أنها تكبر معه إلى أن تصبح عقدة تحتاج إلى سنوات طويلة لكي تعالج. ولأن علاقات الصداقة اختيارية، فهي مبنية على الثقة والتسامح والمشاركة في الأسرار والاهتمام المتبادل. وتعلم الصداقة الطفل معنى التعاون والعمل الجماعي، وفي الوقت نفسه تنمي روح المنافسة الإيجابية وتشجع على التقدم والتحسن، كما أن لها دورا محوريا في حياة الطفل، فهي تقوي شخصيته وتساعده على تطوير المقاييس الأخلاقية لديه مثل معاني المساواة والعدل والتعاون والمشاركة، كما تعلمه الأسلوب الأمثل. وتحرر الصداقة الطفل من الأنانية وتعلمه التسامح والمصالحة مع الآخرين.