رجل الحراسة يحتاج إلى حراسة..!! هذه مقولة يتداولها الكثيرون ممن يعملون في وظيفة حارس أمن، ورغم ساعات العمل الطويلة والرواتب المتدنية وبيئة العمل غير المقبولة وعمل معظمهم دون عقود توضح ما على الموظف وصاحب العمل، إلا أن ظروف الكثيرين منهم جعلتهم يرضخون لذلك. ورغم كل ذلك نجد أن طبيعة عملهم تفرض عليهم حماية الأماكن الحساسة مثل البنوك والوزارات الحكومية والمجمعات التجارية وغيرها. وما بين ذلك من جهة، ونظرة المجتمع الدونية لهم وعدم وجود ضمان وترق وظيفي لهم من جهة أخرى.. شرح عدد من (السيكيورتيه) ل"شمس" المعاناة التي تواجههم والإحباط الذي يعتريهم من خلال ما يأتي: وظيفة دون مستقبل بنظرات أتعبها السهر وكلمات مليئة بالأسى بدأ صبري هاشم مكي (22 عاما) حديثه إلى "شمس"، بقوله: "نحن مهمَلون رغم أهميتنا، فلا نظام عمل يحمينا ولا أصحاب شركات يقدّرون جهدنا". مشيرا إلى أن الظروف السبب الرئيسي في عدم مواصلته الدراسة، ليجد نفسه متنقلا بين شركات الحراسة الأمنية. وأضاف: "أعمل لدى شركة للحراسات الأمنية منذ أكثر من سنة، ورغم أنها من أكبر الشركات السعودية العاملة في هذا المجال إلا أن راتبي لا يتجاوز الألفي ريال". مؤكدا أن الشركة تستلم مبلغ خمسة آلاف ريال على الفرد. وقال: "نحن نعمل دون تأمين صحي، وبدلات، وترقيات، والراتب يكفيني أنا وأختي أياما معدودة من الشهر". وأوضح مكي أن طبيعة العمل شاقة ومخاطرها كبيرة، وكل ذلك ليس له حساب؛ إذ إن أصحاب هذه الشركات يستغلون حاجتهم الماسة للعمل في ظل عدم توافر فرص وظيفية أفضل. وأضاف: "هم دائما في الموقع الأقوى، ونحن نعيش مأساة حقيقية، فتخيل أنني أعمل في وظيفة ليس لها مستقبل، فتبدأ وتنتهي (سكيورتي)، ولا يمكن مع متطلباتها الصعبة أن توفق بينها وبين الدراسة". مبينا أن خطة توزيع العمل تقف حائلا بينه وبين تحسين أوضاعه، وكذلك التطبيق الإلزامي. مؤكدا أن كل ذلك دون مقابل مادي، وعلى حد زعم أصحاب الشركات أن ذلك من واجبات الوظيفة، وأن الفصل من العمل سيكون مصير كل من يرفض. وذكر مكي: "أصحاب العمل لا يعلمون أن الحاجة أكبر دافع للصبر والجلد، ورغم أننا نظل يومين كاملين دون أن نخلد للراحة والنوم، ومع ذلك نحمي مواقع تقدر بملايين الريالات ونتقاضى مثل هذه الرواتب الهزيلة، فكيف لي أن أكون الحارس الأمين؟". وقال: "الخشية من الله سبحانه وتعالى هي التي تسيرنا وتحفظنا من المغريات التي أمامنا، إضافة إلى طبيعة عملنا التي تجعلنا في مواجهة الجمهور خاصة المراهقين، وما نعانيه من تعامل فظ واستهزاء وتحرشات". وأضاف: "المهانة التي نعيشها يوميا لا يمكن وصفها، وكأن المجتمع يعاقبني على ما آلت إليه أموري". وطالب مكي المسؤولين بإدراك حجم معاناتهم في سبيل حلم وصفه بالمستحيل بتكوين نفسه وأن ينعم بالعيش الميسور والزوجة الصالحة. الاعتراض مرفوض ويشرح مصطفى عبدالرحمن (25 عاما) خريج جامعي سعودي من (أم مصرية) معاناة خلافه الشخصي مع أخيه الأكبر وهروبه من الأحساء إلى الدمام ورفض أخيه إعطاءه الشهادة والجواز بقوله: "لم أعمل في هذه الشركة إلا بعد عدة محاولات عن طريق مكتب العمل بالدمام الذي وزعنا على أماكن عمل، السعودي فيها غير مرغوب عكس الأجنبي". وأضاف: "أعمل في الشركة منذ سنتين، وهي لا توفر لنا أبسط الحقوق الوظيفية؛ حيث ننام على الأرض في وضع مُزر دون حسيب أو رقيب، وكذلك ينص العقد على أن عدد ساعات العمل لا يتجاوز ثماني ساعات، ولكننا في المواقع دون راحة، ولا نستطيع الاعتراض على ذلك، إضافة إلى مشكلة المواصلات بعد انتهاء الدوام، حيث نضطر في كثير من الأحيان إلى اللجوء إلى الليموزين دون دفع تعويض مادي من الشركة". وقال: "أذكر في شهر 11 وبعد الدوام بشكل كامل ومجموع التطبيقات التي لحقت بي، لم أستلم إلا 440 من راتبي الذي يبلغ ألفي ريال". مخالفو أنظمة الإقامة ويؤكد (ج. ن) أنه يعمل في الحراسات الأمنية منذ أربع سنوات دون حوافز أو تطور وظيفي. وقال: "لا يوجد أي نظام يحكم العلاقة بين الشركات الأمنية والعاملين فيها، وينطبق ذلك على جميع الوظائف ذات الدخل المتدني، رغم الجهد الكبير الذي يبذل فيها وساعات العمل الطويلة، إضافة إلى نظرة المجتمع الدونية وتعامل أفراده معنا بشكل غير لائق". وبين أن نظام العمل أهمل هذه الشريحة ولم يحدد لها واجباتها وحقوقها وكيفية التعامل مع المشاكل التي تواجهها، خاصة أنها لم ترض بهذا العمل إلا بعد أن ضاقت بها السبل. وأضاف: "لاحظت من واقع تجربتي العملية وجود عدد كبير من مخالفي نظام الإقامة يعملون في هذا المجال". مؤكدا أن الشركات تستخدمهم كوسيلة ضغط على الموظف لقلة الراتب الذي يعملون به، وعدم مطالبتهم بأية ميزات إضافية.