نعى الناعي قبل أيام مضت واحدا من الأدباء القلائل الذين كتبوا بصدق عن واقع العالم العربي عموما، والسودان وثقافته خصوصا، وترجمت رواياته لأكثر من 35 لغة عالمية، وبوفاته انطوت صفحة مهمة من تاريخ الأدب العربي والسوداني. وخلف الأديب الطيب صالح ثروة أدبية زاخرة تضم عددا كبيرا من الروايات أكثرها شهرة (موسم الهجرة إلى الشمال)، كونها أولى الروايات التي تناولت بشكل فني راق الصدام بين الحضارات، وموقف إنسان العالم الثالث ورؤيته للعالم الأول المتقدم. وبدأ الأديب الراحل الكتابة أواخر خمسينيات القرن الماضي، ومن بين أعماله أيضا (ضو البيت) و(عرس الزين) و(مريود)، و(دومة ود حامد)، و(منسى) و(بندر شاه). وتقلد الروائي الراحل المولود عام 1929 في إقليم (مروي) شمالي السودان عدة مواقع مهنية، إذ أدار مدرسة في السودان، ثم عمل إعلاميا في القسم العربي لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) وترقى بها حتى وصل إلى منصب مدير قسم الدراما، ثم عاد الراحل إلى السودان وعمل لفترة في الإذاعة السودانية، ثم هاجر إلى دولة قطر وعمل في وزارة إعلامها وكيلا ومشرفا على أجهزتها، ومن بعدها عمل مديرا إقليميا بمنظمة اليونيسكو في باريس، وعمل ممثلا لهذه المنظمة في الخليج العربي. وكان للفقيد القدح المعلى في نشر الأدب والثقافة السودانية في مختلف أنحاء العالم من خلال رواياته ومؤلفاته وكتاباته الرائعة التي ترجم الكثير منها إلى اللغات العالمية، ووصفه الكثيرون ببحر الإبداع، لشغله حيزا كبيرا في خارطة الإبداع العالمية والعربية والإفريقية والسودانية بعطاء قوي بربطه قضايا الشرق الإفريقي والعربي من خلال رواياته.رحم الله عبقري الرواية العربية وأسكنه فسيح جناته مع الصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقا.