تُسرّب هنا وهناك، يتداولها البعض في جوالاتهم، ويبحث آخرون عنها في المنتديات، تسببت في مشاكل عائلية وطلاقات عدة، إنها صور الأفراح التي تُلتقط للزوجين في ليلة زفافهما، وأصابع الاتهام تشير إلى المصورات الأجنبيات اللاتي يمارسن التصوير دون تصاريح من وزارة العمل، وإلى بعض الاستديوهات التي لا تراعي خصوصية هؤلاء الأزواج. من أجل ذلك فتحت “شمس” ملف التحقيق، وقابلت عددا من المصورات ومن المتضررات. فضيحة ما كان أكثر الناس تشاؤما يتوقع أن ينتهي الحال بمنى ذات ال22 ربيعا، إلى هذا المآل، إلى فتاة منعزلة، لا تجف دمعتها، كأنما تجثم فوق صدرها هموم العالم أجمع، وهي التي كانت قبل شهر، إبان زواجها في نشوة وغبطة لا تكاد تسعها الدنيا: “غلطة كانت كفيلة بإنهاء الحلم الجميل الذي عشته في كنف زوجي سابقا”، تبدأ منى حديثها بهذه العبارة لتشرق بعدها بالدموع، ثم تعود بعد أن هدأت لتواصل ما بدأت به: “كثيرا ما سُئلت عن سبب ما حل بنا، وحق لهم ذلك، فمن يعرف مدى التوافق والانسجام الذي كان بيننا، فسيصدم - لا محالة بخبر انفصالنا، أما عن السبب الذي بدل سعادتنا تعاسة فيعود إلى مرحلة ما قبل ليلة الزفاف، حين كنت أبحث عن استوديو نسائي للتصوير، ومن محل لآخر أتنقل مفتشة عن أقلها تكلفة؛ كي أوفر - قدر المستطاع - لمستقبل حياتنا الزوجية”، وبعد أن بحثت منى عن المحال المتخصصة في التصوير النسائي، وبعد سؤالها المقربات والصديقات، نصحتها إحداهن بمصورة خاصة تصوّر وبسعر منافس لما وجدته: “كان السعر مغريا جدا؛ الأمر الذي دفعني إلى الموافقة دون تفكير”، وعلى الموعد المتفق عليه في ليلة الزفاف جاءت المصورة (من جنسية عربية)، وصورت في تلك الليلة العروسين: “وبعد أن أخذنا منها الصور مضت إلى حال سبيلها، كما مضت أيامنا الأولى على أفضل ما يكون، ولكن كان لنا موعد مع الفاجعة في الأسبوع الثالث من زواجنا، ففي وقت الظهيرة جاءت رسالة جوال لزوجي، فما كان منه إلا أن ذهب ليأخذه من ثوبه، ثم نظر فيه، وأعاد الكرّة. تغيرت ملامح وجهه. قطع حديثه الذي كان يجاذبني أطرافه. حاولت أن أستفسر عما دهاه، وألم به؟! فما كان منه إلا أن لبس ثوبه وخرج”، ذهب زوج منى إلى أهله بعد أن صعقته الصورة التي أرسلت إليه من رقم غريب، التي تتضمن صورة خاصة له ولزوجته، كما جاءته رسالة أخرى من ذات الرقم تخبره بأن هناك صورا أخرى مسربة في مواقع الإنترنت؛ ليدخل بعدها في أزمة نفسية: “كاد الأمر يقضي على زوجي، لكنه قضى - بالتأكيد على زواجنا”. تلاعب تعمل سهيلة مصورة في أحد المشاغل النسائية: “ استلهمت هوايتي من حب والدي للتصوير وبتشجيع منه احترفته، واتخذته مهنة لي”، ولم تكتفِ سهيلة بالموهبة بل حرصت على تنميتها من خلال الدراسة، فأخذت دروسا ودورات؛ لتطوير إمكاناتها في هذا المجال. وعن إقبال الناس على المصورة السعودية تضيف: “نظرة الناس اختلفت عما كانت عليه للأفضل، الأمر الذي ساهم في سعودة التصوير النسائي بشكل كبير، كما أن النظرة السائدة لدى الكثير هي أن بنت البلد أكثر أمانة من غيرها، وما ذاك إلا لأن بعض الأجنبيات يبحثن عن المادة بأية طريقة دون مراعاة للمصداقية والأمانة”، وتحذر سهيلة - حسب خبرتها في هذا المجال - مما يحدث خلف كواليس التصوير: “من خلال تجربتي وجدت أن هناك تلاعبا في السوق من ناحية الأسعار؛ الأمر الذي نراه في إعلانات الاستديوهات النسائية التي ملأت الصحف، كما أن هناك وللأسف الشديد استديوهات نسائية تعمل بطاقم عمل نسائي، ولكن بعد تعاملي معها فوجئت بأن طباعة الصور تتم خارج الاستديو في أماكن مجهولة يقوم عليها الرجال؛ فالمسألة جد خطيرة؛ الأمر الذي يبرر ما انتشر في الآونة الأخيرة من أسطوانات ليزرية تحوي صورا لنساء وفتيات وأطفال سعوديات في الأفراح؛ وأصبحت متداولة بين الناس عبر الجوالات وفي مواقع الإنترنت”، وعن نتائج هذه الصور المسربة تضيف: “فكم رأيت وسمعت عن الكثير من حالات الطلاق والمشكلات العائلية التي حدثت بسبب نشر المصورة لهذه الصور”، وعن السبب - برأيها - الذي يقف خلف اتجاه الكثير من المتزوجات إلى هؤلاء المصورات رغم خطورتهن: “هذا يعود إلى الغلاء في الاستديوهات؛ لذا يبحث الكثير عن الأسعار الرخيصة، وبشكل عشوائي؛ لذا أوجه رسالة إلى كل سيدة أو فتاة أن تحرص على اختيار المصورة، وأن تطلب منها أن تطبع الصور أمامها، كما أطالب بسعودة مهنة التصوير في الأفراح”. مقاطعة لم يعد الخطر حكرا على المصورة التي تعمل بمفردها دون تصريح من وزارة العمل - كما تذكر عبير - بل تشاركها في ذات الخطر بعض الاستديوهات التي لا تحافظ على خصوصيات أصحاب الصور: “رأيت بعيني صورا لسيدات وفتيات سعوديات معلقة على جدران أحد الاستديوهات، حين ذهابي له؛ لاختيار مصورة لزفافي، وهناك تفاجأت بوجود هذه الصور، وحين سألت المسؤولة أخبرتني بأن هذه رغبة صاحبات الصور!”. ما قالته المسؤولة طمأن عبير؛ لذا أخذت تبحث عن مصورة لديها في ذات الاستديو لتصورها في ليلة زفافها: “اخترت إحداهن لما لها من سمعة عند الكثير، ولما رأيته من احترافيتها في بعض الصور المعلقة، وبعد أن دفعت جزءا من المبلغ، أخبرتني المصورة قبل أن أخرج بأنه سيتم أخذ صورة واحدة من مجموعة الصور التي ستلتقط لي عند الطباعة، كما أكدت لي أن هذا شرط أساسي ومن سياسة الاستديو. حينها رفضت وخرجت فورا، وبعد الذي رأيته وسمعته اشتريت كاميرا تصوير (ديجتال)؛ لتصورني أختي في ليلة زفافي وأنا مطمئنة البال”. تنافس دلال (مصورة سعودية) تعمل من منزلها ولديها استديو متنقل مجهز بالكامل، تخرج به للتصوير إلى قاعات الأفراح بطلب من أسرة العريس أو العروس، عن تجربتها تقول: “بدايتي كانت في ممارسة هوايتي أو كما يسميها البعض مهنتي، ومنذ صغري وأنا أحب التصوير، ولكن لم أتخذ قراري بممارسة هذه المهنة إلا قبل ثلاث سنوات بعد أن حضرت محاضرة عن المشاريع الصغيرة التي تبدأ من المنزل وبإمكانات بسيطة؛ وبعدها اقتنعت بموهبتي واقتنيت كاميرا بمواصفات جيدة وزودتها بمجموعة من الأدوات التي تخدمني في عملية التصوير، ثم بحثت عن الدروس المتخصصة في المواقع ذات العلاقة في الإنترنت، التي من خلالها عرفت الكثير عن كيفية التصوير، وعن أفضل اللقطات، وأخذت أتابع كل ما هو جديد في عالم التصوير؛ لأطور من أسلوبي وإمكاناتي في العمل”، وبعد هذا الكم المعرفي في التصوير قررت دلال أن تبدأ عملها في التصوير: “ البداية كانت بالنسبة إلي صعبة شيئا ما، خاصة أن رأس المال مكلف للغاية، بالإضافة إلى صعوبة تقبل الناس للمصورة السعودية؛ فالبعض ينظر لي نظرة دونية والبعض الآخر ينظر لي نظرة إعجاب وتشجيع؛ ولكن ما يبقيني رغم هذا هو قناعتي بأن العمل، والبحث عن لقمة العيش ليس عيبا”، وتختم دلال حديثها بقولها: “لا بد أن تكون المصورة صادقة في تعاملها مع الناس؛ لتكسب ثقتهم؛ وأن تحافظ على صورهم الشخصية لأنها أمانة لديها”. مبالغة وتشير ميساء (مصورة سورية) إلى أن هناك مبالغة في التحذير من هذه الاستديوهات، ومن المصورات بشكل عام: “فأنا ومن خلال تجربتي التي عملت فيها في أحد محال التصوير، كنا دقيقات في أمور الصور الشخصية؛ حفاظا على خصوصيتهن، واستمررت على هذا الحال حتى بعد خروجي من هذا المحل وعملي وحدي”، ذاكرةً أن المصورة تعمل على بناء اسمها في السوق، ولن تضيع سمعتها التي تبنيها بلا سبب: “وعادة لا تبث هذه الصور إلا من باب الانتقام والتشفي؛ الأمر الذي يحدث حتى من المقربين من العروسين”.