ما بين الرومانسية والاقتراب من تشريح الذات الإنسانية يقدم فيلم «واحد صحيح» عوالمه مبتعدا عن كل أجواء الثورة والصراعات التي تشهدها مصر حاليا، إذ يذهب ليصور حال الطبقة المخملية «الأغنياء» في مصر من خلال قصة الشاب الوسيم «عبدالله يونس» وهو مهندس ديكور ناجح، ويعيش في مواجهة مع أربع نساء. الأولى هي «مريم» وهي مذيعة تقع في حب «عبدالله» وتلازمه راغبة في الزواج منه، رغم أن أحد المحيطين بها يحبها ويرغب في الارتباط بها. أما الثانية فهي الدكتورة «فريدة» وهي طبيبة نسائية متزوجة من رجل أعمال شهير شاذ جنسيا، وتقيم علاقة مع «عبدالله»، الحنون والرومانسي. أما الشخصية الثالثة هي «نادين» الصديقة المقربة من عبدالله وهي زوجة «فادي» أحد أصدقاء «عبدالله» وشريكه في العمل، ولعل ما ساعد على ذلك التقارب بينهما هو عشق ابنة نادين «روضة» ل«عبدالله» خاصة بعد طلاق نادين من صديقه وشريكه. إلا أنه ومع كل هذه العلاقات فشل في أن ينسى الحب الحقيقي في حياته الذي تعلق به منذ سنوات الدراسة الجامعية، وهي «أميرة» تلك الفتاة المسيحية، حيث إن العائق في زواجهما هو اختلاف ديانتيهما، وهو أمر لا ترغب أميرة في تقبله رغم حبها الكبير له، فتنسحب متخذة من العمل في الكنيسة حصنا ضد حب «عبدالله» ودرعا ضد تعاطفها مع والدها الذي كان مسيحيا وأسلم لاحقا بسبب تعلقه بسيدة مسلمة. وتمضي الحكاية هذا بتنقل «عبدالله» بين النساء حتى مطالبة والدته له بالزواج من «مريم» لأنها تراها مناسبة، بينما لا يراها عبدالله سوى طفلة صغيرة. وهنا تتدخل «نادين» بدعوتهما لمشاهدة أحد الأفلام في السينما، وأثناء متابعة الفيلم يكتشف «عبدالله» وجود أميرة، فيترك الجميع ويبدأ في التودد إليها، إلا أنه يفاجأ برفضها إعادة إحياء قصة حبهما القديم لتمسكها بالأسباب نفسها، وهو ما يدفع «مريم» إلى مصارحته بحبها رافضة أن يراها كطفلة، فيخبرها بأنه على يقين من أنها الأصلح لتربية أبنائه إذا ما قرر الزواج، فترفض وضعها في هذا الإطار وتنسحب. وفي الوقت نفسه يرفض عبدالله دعوات «فريدة» مؤكدا لها أنه يعيش قصة حب، بينما تبقى «نادين» كمتابعة ومشاهدة لكل ما يحدث دون أن تبدي أي رد فعل. إذا، فالمعادلة عند الدنجوان «عبدالله» بأنه يريد أما وزوجة مثل «مريم»، وشخصية يحبها مثل «أميرة»، وامرأة تشبع رغباته مثل «فريدة»، وامرأة أخيرة يستطيع أن يرى من خلالها نفسه ك«نادين». وينتهي الفيلم بنهاية مفتوحة حيث لا يعرف أي فتاة اختار عبدالله. يعتبر فيلم «واحد صحيح » التجربة السينمائية الأولى للمخرج «هادي الباجوري» بعد تجربة تليفزيونية واحدة هي «عرض خاص»، بالمقابل فهو التجربة الرابعة للسيناريست الشهير «تامر حبيب» الذي أبدع العديد من الأعمال المهمة ك«سهر الليالي - حب البنات - عن العشق والهوى - تيمور وشفيقة» وهو هنا كعادته يبحث في ثنايا شخصيات مجتمع الأغنياء والمترفين في مصر، لكن في محاولة فاشلة منه لاستعادة أجواء العلاقات الإنسانية المتقاطعة التي قدمها في أفلامه السابقة، حيث جاء السيناريو مفككا وغير مترابط ومليئا بالأحداث غير المبررة التي أضاعت كل مقولات العمل المهمة، وهو ما لم يستطع المخرج «هادي الباجوري» تلافيه رغم الجمالية العالية التي اتسمت بها اللقطات والصورة عموما، إلا أن الرؤية الإخراجية كانت بمثابة التجريب الذي لا يقدم ما يلفت، وخصوصا بتكرار بعض المشاهد لأكثر من خمس مرات، وهو ما خلق حالة من الإرباك. أما أداء الممثلين فقد أتى مكررا لم يقدم جديدا، وخصوصا «هاني سلامة» الذي يعيد تكرار شخصيته في فيلم «السلم والثعبان». عرض فيلم «واحد صحيح» للمرة الأولى عالميا ضمن فعاليات مهرجان «دبي» السينمائي في دورته الثامنة.