أكد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز أمام ضيوف مؤتمر الصناعيين الخليجي الثالث عشر الذي انطلق، أمس، بالرياض تحت عنوان «الصناعات المعرفية والتقنيات الحديثة» قيام دول مجلس التعاون الخليجي بإنشاء العديد من المؤسسات والواحات ومدن المعرفة. وأشار في الكلمة التي ألقاها نيابة عنه وزير التجارة والصناعة الدكتور توفيق الربيعة قيام دول التعاون بتطوير البنية التحتية لتقنية المعلومات وزيادة المخصصات الموجهة لأغراض البحث العلمي وتطوير نظام التعليم وغير ذلك من حوافز مشجعة بهدف التحول إلى عالم معرفي يعتمد على التقنية المتقدمة. وثمن طرح الكثير من المشروعات الصناعية الواعدة التي تعتمد على التقنيات الحديثة والمتطورة وتركز على إعطاء الأولوية للتنمية البشرية لتحقيق زيادة في النمو الاقتصادي والتنمية المستدامة. وأوضح الملك أن المملكة تبنت خطة وطنية للعلوم والتقنية يصل تمويلها إلى أكثر من ثمانية مليارات ريال وسوف يؤدي تنفيذها إلى تحقيق نقلة كبيرة في دعم البحث العلمي والتطوير التقني ونقل وتوطين التقنية والتحول إلى مجتمع المعرفة وإعطاء المنظومة التعليمية القدرة على إنتاج طاقات بشرية مؤهلة قادرة على الوفاء بمتطلبات الخطط والمشروعات والمبادرات الحالية والمستقبلية للبلاد. وقال خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في كلمته للمشاركين بالمؤتمر: «إنه على الرغم من الإنجازات المحققة إلا أننا ندرك أنه مازال لدينا الكثير لنقوم به معتمدين في ذلك على ثقتنا بالله ثم على إرادتنا لصناعة المستقبل وتحقيق طموحات شعوبنا». وأضاف: «ومن هذا المنبر وفي ظل ما يشهده العالم من تطورات متسارعة فإنني أقدم التوصيات التالية: دعم وتشجيع التعاون بين الجامعات والشركات الصناعية في مجال البحث العلمي، ودعم البحث العلمي في الصناعة، وتبني ودعم عمل شباب دول الخليج في مجال البحث العلمي». وعبر في ختام كلمته عن شكره لجميع القائمين على تنظيم هذا المؤتمر، متمنيا له كل التوفيق والنجاح وأن يخرج بتوصيات تفيد مواطني دول المجلس عامة، وأن يحقق الآمال المرجوة منه في تعزز قدراتنا والرقي بمستوى طموحاتنا. من جانبه استعرض رئيس جمهورية التشيك البروفسور فاتسلاف كلاوس تجربة بلاده الاقتصادية في الخروج من حقبة الاقتصاد الاشتراكي القائم على الملكية المطلقة للدولة إلى مرحلة الانفتاح الاقتصادي والتوجه نحو السوق الحر القائم على العرض والطلب وتعدد الفرص. وأشار إلى أن بلاده تعاطت بحذر مع دول الاتحاد الأوروبي ولم تنجرف في معترك الوحدة الأوروبية وفضلت الحفاظ على ملكية الشركات وعدم بيعها وبالتالي ساهمت تلك الإجراءات في الحفاظ على استقرار الوضع الاقتصادي في بلاده وعدم تأثرها كما حدث في أوروبا بعد اندلاع أزمة الديون الأوروبية. وشدد الرئيس التشيكي على أنه لا يرى حلا قريبا لأزمة الدين الأوروبية، وأن الحل الوحيد الذي يراه هو العمل على تسريع نسب النمو الاقتصادي في أوروبا والعمل تجاه مواجهة معوقات الاقتصاد الأوروبي ومشكلاته الحقيقية. وأوضح أن بلاده «ليس لديها أي خطط حاليا للدخول في عضوية الاتحاد الأوروبي» لأنها اتخذت سياسات راعت الوضعين الاقتصادي والسياسي للتشيك وأولت متطلباتها الخاصة بشكل أكبر». وانتهى الرئيس فاتسلاف كلاوس في كلمته إلى الإشارة إلى أن أوروبا لن تكون قطارا للتعافي الاقتصادي العالمي في الفترة القادمة، وأنه يتوقع أن تكون بعض البلدان المصدرة للنفط هي الأكثر ديناميكية في المستقبل المنظور. من جهته أوضح الأمين العام لمنظمة الخليج للاستشارات الصناعية عبدالعزيز العقيل في كلمته خلال الجلسة الافتتاحية لمؤتمر الصناعيين الخليجي الثالث عشر أن دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية نجحت في تحقيق الكثير من الإنجازات الصناعية تمثلت في إقامة وتوفير بنية أساسية متطورة للصناعة من مدن ومناطق صناعية مجهزة بكافة المرافق وأسهمت في توفير حوافز تشجيعية للمستثمرين وقدمت قروضا صناعية ميسرة من خلال الصناديق والبنوك. وأشار إلى أن ذلك أسهم في ازدياد المشاريع الصناعية العاملة في قطاع الصناعات التحويلية من 7490 مشروعا في عام 2000 إلى 13035 مشروعا في عام 2010 بزيادة بنسبة 74 % بمعدل سنوي مركب بلغ 5.7 % في المتوسط في الوقت الذي زادت فيه قيمة الاستثمارات الإجمالية لهذه المصانع في الفترة نفسها من 87 مليار دولار لتصل إلى أكثر من 222 مليار دولار بنسبة 155 % وبمعدل سنوي مركب 10 %، متوقعا أن تبلغ هذه الاستثمارات نحو 260 مليار ريال بنهاية 2011. وأكد العقيل أن هذه الاستثمارات توجهت نحو صناعات استراتيجية كتكرير النفط وتسييل الغاز وصناعة البتروكيماويات والحديد والصلب وصهر الألمنيوم وصناعة الأسمنت مما أدى إلى إحداث أثر إيجابي في اقتصاديات دول مجلس التعاون وتعزيز قدراته التنافسية لتصبح منطقة الخليج العربي المركز الأكثر أهمية على المستوى الدولي في صناعة البتروكيماويات وتسييل الغاز والألمنيوم. ولفت الأمين العام لمنظمة الخليج للاستشارات الصناعية إلى أن الصادرات الصناعية الخليجية حققت نموا مشهودا خلال الفترة من 2000 إلى 2010 لترتفع قيمتها من 20.5 مليار دولار إلى 131.3 مليار دولار وتضاعفت قرابة ست مرات خلال هذه الفترة بمعدل سنوي بلغ 20 %، مبينا أن القروض الصناعية المقدمة للقطاع الصناعي ارتفع من 707 ملايين دولار إلى 2.2 مليار دولار بمعدل سنوي يبلغ 12 %. وعبر عبدالعزيز العقيل عن تفاؤله بالمستقبل الواعد للاقتصاد المبني على المعرفة، مؤكدا أنه قد آن الأوان لأن تقوم دول مجلس التعاون بالسعي للحاق بركب هذا النوع من الاقتصاد دون تردد وإبطاء. وأوضح أن المنظمة قد أعدت دراسة تفصيلية لوضع خارطة للصناعات المعرفية بدول المجلس تم تقديمها أخيرا وأكدت على ضرورة الإسراع في اتخاذ سياسات تنهض بالصناعات المعرفية ولذلك جاء اختيار الموضوع الرئيسي للمؤتمر. وعدد العقيل التحديات التي تواجه القطاع الصناعي الخليجي ومن أبرز الاعتماد المكثف على العمالة الوافدة التي تشكل نحو 90 % من إجمالي عدد العاملين وازدياد الطلب على الأراضي الصناعية المناسبة للمستثمرين، وارتفاع حدة المنافسة من المنتجات المستوردة، وضرورة إعادة هيكلة تمويل الصناعات الصغيرة والمتوسطة، إضافة إلى ضعف الإنفاق بشكل عام على البحث العلمي .