آخر ما كنت أتوقعه هو أن يكون الدكتور حافظ المدلج من الإقصائيين..! وأن يقيس الأمور بمعايير تعود أصولها للأزمنة الغابرة، لم أتصور ذلك مطلقا.. لأنني منذ أن تابعت هذا الرجل وهو يعجبني في الكثير من تحركاته وقناعاته.. حتى أن زيارته العابرة لجريدة «شمس» قبل أربع سنوات تقريبا ودخوله المفاجئ لمكتبي المبعثر في ركن قصي من مقر الجريدة، منحتني تصورا جميلا عن هذا الرجل الذي يصر دائما على الحضور بابتسامته وتشجيع الشباب على العمل بشنب أو بدونه..! وقبل ذلك دائما ما تحضر في ذهني كتابات المدلج الاجتماعية المميزة جدا في زاويته بمجلة «أصوات» الناشئة آنذاك، حينها كنت أتصور أنني أقرأ لرجل عصري وصاحب فكر مختلف. لكن ما ظهر به أخيرا من تصريحات إقصائية للإعلاميين الشباب، يجعلني أعيد النظر مجددا ليس في إعجابي بشخصية المدلج، ولكن بأفكاره الحالية التي يبدو أنها تأثرت كثيرا بسلبية الوسط الرياضي والعمل الرسمي داخل هذه المنظومة التي تعج بالفوضى والسجالات السلبية.. وهو الأمر الذي ربما جعل الرجل التنويري حافظ المدلج يفقد شيئا من روحه المعهودة. ما قاله المدلج تجاه النقاد الشباب.. لا ينتمي بأي شكل من الأشكال للروح العصرية التي يجب أن يعيها كل مسؤول خاصة في هذا العام، وهو يعلم أن الإعلام الجديد غير الكثير من المفاهيم بما فيها النقد حتى أضحى نقاد « تويتر» المغمورون أهم وأكثر تأثيرا من أصحاب الخبرة الذين ما زالوا غير قادرين على التحرك للأمام والتقدم بثقة لنقد القضايا المسكوت عنها. ولا يمكن أن تقبل معادلة النقد بالتناسب الطردي مع كثافة «الشنب» من عدمه، وكم من صغير قال شيئا مختلفا لم يتجرأ الكبير على النطق به أو التلميح عنه. ولعل انفلات المدلج يعطينا تصورا حقيقيا عن المسؤول الذي يستسلم للضغوطات ويمكنه أن يتخلى بسرعة عن قناعاته بمجرد أن «الضرب» اقترب منه، وبالتالي فالأهم لديه أن يطبق المثل القائل «ألف لحية ولا لحيتي» الأمر الذي جعله يجابه هذا المد الشبابي بفكر إقصائي لا يليق برجل مثله وهو الذي لا ننتظر منه أن يقول شيئا مشابها لما يردده الآخرون.. بل ننتظر منه روحا متجددة تستوعب النقد وتتقبله.