«نحن كما جزر هاواي، كل جزيرة تعيش بمعزل عن الأخرى، وتبتعد عنها أكثر بمرور الوقت» بهذه العبارة التي ترد على لسان البطل في فيلم «الأحفاد» تختزل مقولة الفيلم الأساسية عن تفكك المجتمع الأمريكي الحالي، وغياب دور العائلة التي غالبا ما يكون أربابها مشغولين بالعمل دون الالتفات إلى تأثير ذلك على الأبناء، وليحمل على تلك القصة مقاولاته عن ضياع الحلم الأمريكي بأرض السعادة.. عن الحب والخيانة والألم، عن الزوج المفجوع الحائر الذي لا يعرف هل يبكي غياب زوجته أم يسعد انتقاما. عندما توقظ المصائب البشر تدور أحداث الفيلم حول شخصية المحامي «ماثيو كينج» سليل أعرق العائلات الإقطاعية في جزر «هاواي» والوصي الشرعي على أملاكها، والذي يفجع في بداية الفيلم بنبأ حادث القارب الذي تعرضت له زوجته «إليزابيث» ودخلت بسببه في غيبوبة تامة، الأمر الذي يجعله مضطرا للتعامل مع واقع جديد لا يعرف كيف يتصرف حياله، وهو الغائب عن البيت دائما؛ بسبب عمله، خاصة في ظل وجود ابنتين مشاكستين الصغرى «سكوتي عشرة أعوام» والكبرى «ألكساندرا 17 عاما»، وكل واحدة منهما لها حاجاتها وطريقتها الخاصة في التعامل. في البداية سيجد أن غياب زوجته قد ترك فوضى عارمة في حياته، ويكتشف أن انشغاله بأعماله في السابق قد ترك أثرا في علاقته بعائلته، حيث لا يبدو أن هناك أية وسيلة تواصل بينه وبين ابنتيه. هكذا يقضي المحامي أيامه اللاحقة في محاولة لردم الهوة بين العائلة، وما يزيد من مأساته، اكتشافه لسر خطير يجعله يدرك حجم غيابه السابق عن عائلته، وأن غيبوبة زوجته قد انتشلته هو من غيبوبته التي كان غارقا فيها. فعلى وقع يأس الأطباء وإعلان وفاة زوجته سريريا تصارح «ألكساندرا» والدها بوجود رجل آخر في حياة والدتها، وهكذا نمضي مع «مات» وهو يتتبع برفقة ابنته «ألكساندرا» الرجل الذي اكتشف أن زوجته كانت تخونه معه، ليتبين أنه «بريان سبير»، وعندما يتواجه الاثنان ويخبر مات «براين» بأن وصية «إليزابيث» تقول إن عليهم أن ينزعوا عنها الأجهزة إن كانت تعيش عليها فقط، وإنهم سوف يحققون ذلك في غضون أيام ينهار «بريان» ويأخذ يردد أنه يحب زوجته وعائلته، وأنه حقا آسف على كل شيء، ويعترف بأن علاقته مع «إليزابيث» من أجل الاقتراب من «مات» كونه الوصي الوحيد لأرض العائلة التي يسعى «بريان» لشرائها لموكليه، والتي يعتزم أبناء عمومة «مات» بيعها. وفي اجتماع مع أبناء عمومته يتوجه «مات» معهم، وخصوصا «هيو» ويكاد يوقع على سندات بيع ال250 ألف فدان، لكنه يتراجع عن هذا القرار، ويتسبب بإشكال معهم وتهديدات بإجراءات قانونية. وفي النهاية سنشهد مشاهد وداع «إليزابيث» وقد حضر «بريان» وزوجته «جولي» التي اكتشفت الحقيقية، ثم سنشهد مشهدا في غاية التأثير الإنساني عندما يودع «مات» زوجته باكيا بقوله «يا زوجتي، يا حبيبتي، يا ألمي» في تعبير عن أنه قد سامحها، ثم نشهد مراسم نثر رماد «إليزابيث» في المحيط من قبل مات وبنتاه، وهكذا تتواصل الحياة بعد أن صهرت الأزمة علاقتهم. أحسن فيلم للعام الجاري قررت «جمعية لوس أنجليس للنقاد السينمائيين» ترشيح الفيلم للحصول على جائزة أحس فيلم للعام الجاري، وهي الجائزة التي تؤخذ في الحسبان في اختيار الأفلام المرشحة لجائزة الأكاديمية «الأوسكار». قصة الفيلم مقتبسة عن رواية تحمل نفس الاسم للكاتبة الأمريكية «كايي هارت هيمنجز» وهي روايتها الأولى وقد لقيت انتشارا كبيرا، وقد تلقفها المخرج الأمريكي المتميز «ألكسندر باين»، الذي يضم سجله الإخراجي ثلاثة من روائع الأفلام العالمية، وهي «انتخابات»الذي لعبت بطولته النجمة «ريسي ويذرسبون» شاركها النجم «ماثيو برودريك» عام 1999، وفيلم «عن شميدت» عام 2002 من بطولة المبدع «جاك نيكلسون»، وفيلم «طرق جانبية» للممثل «بول جايماتي» عام 2004. والذي حصل فيه «ألكسندر باين» على جائزة أوسكار أفضل سيناريو عام 2004. إذ إن جميع الأفلام التي قدمها هذا المخرج قد اشترك في كتابة السيناريو لها برفقة صديقه السيناريست «جيم تايلر». وكما في بقية أفلامه، يتألق «ألكسندر باين» في فيلمه الجديد في صياغة سيناريو بديع متقن ذي وحدة عضوية متناسقة وبشكل تطهري لأبطاله إذ تكثير المكاشفات والمنولوجات الداخلية في أعماله، وهو ما ركز عليه إخراجيا في فيلم «الأحفاد»، كتلك العبارات المؤثرة التي جاءت على لسان «ماثيو كينج» الذي أدى شخصيته النجم المبدع «جورج كلوني» في دور غاية في البارعة والإتقان، كذلك الحال مع النجمة الشابة « شايلين وودلي » التي لفت الأنظار إليها لبراعة تأديتها لشخصية «ألكساندرا». افتتح الفيلم عروض مهرجان «تورونتو» السينمائي الدولي لهذا العام، حيث استقبل بتقييم عال من الجمهور والنقاد، ثم حصد الفيلم جائزتين من مهرجان «هوليوود» السينمائي الدولي، جائزة «ممثل العام» للنجم «جورج كلوني» وجائزة «بقعة ضوء» للممثلة الصاعدة «شايلين وودلي». والجديد كان وقد جمع الفيلم منذ نزوله في الصالات الأمريكية إيرادات بلغت 38.645.909 مليون دولار أمريكي .