أعربت «الأهلي كابيتال»، مستشار الثروات الرائد وأكبر مدير للأصول بالمملكة، عن اعتقادها أن المملكة ما زالت معرضة لارتفاع أسعار المواد الغذائية نتيجة لاعتمادها الكبير على الاستيراد وعدم القدرة على إيصال ارتفاع التكاليف للمستهلك مما سيتسبب في المزيد من الضغط على هوامش شركات المواد الغذائية. وفي تقرير جديد يحلل أثر تضخم أسعار الأغذية العالمية على قطاع الأغذية السعودي، أوضحت «الأهلي كابيتال» أن أسعار الأغذية العالمية ارتفعت بشكل كبير في الفترة 2007 - 2008 إلى جانب الاثني عشر شهرا الماضية نتيجة لأسباب هيكلية مختلفة من ضمنها: تزايد الطلب، وارتفاع استخدام المحاصيل الغذائية كوقود حيوي، وانخفاض مكاسب الكفاءة من حيث استخدام الأراضي. ويشير التقرير إلى أن المملكة تعتمد بشكل كبير على استيراد المواد الغذائية لتلبية متطلباتها، ومن المتوقع تضاعف استيرادها للمواد الغذائية إلى 132 مليار ريال مع حلول عام 2020 من 63 مليار ريال في عام 2010. ومن المتوقع أن يستمر الاعتماد على الواردات نظرا لمحدودية الإنتاج المحلي للمحاصيل بسبب شح المياه وعدم ملاءمة الظروف المناخية. وتعتقد «الأهلي كابيتال» أن ارتفاع أسعار الأغذية العالمية يشكل مصدر قلق لشركات الأغذية السعودية حيث بلغت التكلفة المباشرة للمواد الخام في شركة المراعي على سبيل المثال نحو 42 % من الإيرادات «68 % من تكلفة السلع المباعة»، وتشكل المكونات الخام 42 % من نفقات التشغيل، تليها تكاليف متعلقة بالأعلاف 33 % وتكاليف التغليف 25 %. وترى أن استدامة الهوامش تشكل قلقا نتيجة للارتفاع الأخير في تكاليف السلع والمواد الخام، إضافة إلى ذلك، فالقيود على رفع أسعار المنتجات النهائية تمنع المراعي من تمرير هذا الارتفاع للمستهلكين. وحسب التقرير بلغ متوسط مؤشر السكر لمنظمة الأغذية والزراعة 378 لعام 2011 مقابل 302 في عام 2010 «بارتفاع بنسبة 24 %». إضافة إلى ذلك، ارتفع متوسط مؤشر الزيت لمنظمة الأغذية والزراعة بنسبة 31 % مقابل متوسط العام الماضي. وقد شهد قسم التجزئة في الشركة ضغوطا هامشية نتيجة لارتفاع تكاليف الشراء المتعلقة بالمنتجات الغذائية. ويشير التقرير بأن الاختلاف في أسعار السكر الخام والمكرر يشكل ضغطا على قسم السكر في الشركة. وتستخدم صافولا السكر الخام كمادة أساسية لتحويلها إلى سكر مكرر. وبالتالي، فأي انخفاض في سعر السكر المكرر عن سعر السكر الخام سيضغط على الهوامش. وتواجه الحكومة عددا من التحديات للحد من التضخم في ظل ارتفاع أسعار الأغذية العالمية، حيث تشكل المواد الغذائية 26 % من إجمالي نفقات المستهلك في السعودية، وبالتالي فأي ارتفاع في أسعار الأغذية سيؤثر على التضخم الكلي في السعودية. ولمواجهة هذا التحدي اتخذت الحكومة العديد من التدابير. وتابعت الحكومة باهتمام أسعار المواد الغذائية الأساسية مثل: الشعير والحليب والقمح والسكر والدقيق، وذلك عن طريق التفتيش المستمر وفرض العقوبات على تجار التجزئة الذين يقومون برفع الأسعار دون سبب. كما قامت الحكومة في مايو 2011 بمعاقبة عشرة مستوردين للشعير بسبب تسعيرة أعلى من هامش الربح المحدد من قبل مجلس الوزراء. أخيرا، قدمت الحكومة السعودية معونات لشركات الأغذية للتخفيف من ارتفاع تكلفة المواد الخام. ويشير تقرير «الأهلي كابيتال» هنا إلى أن هذه المعونات قد توفر بعض الارتياح إلا أنها غير كافية لاستيعاب ارتفاع أسعار المواد الخام بشكل تام، مما يلقي بالمزيد من الضغط على هوامش شركات الأغذية. ويختتم السيد مياه بالتأكيد على أن «بعض التدابير المذكورة منعت الشركات من تمرير ارتفاع الأسعار بشكل كامل للمستهلك، مما مكن الحكومة السعودية من تحديد التضخم الغذائي إلى 5.4 % في أغسطس 2011 على الرغم من ارتفاع أسعار الأغذية العالمية بنسبة 26 % «حسب مؤشر أسعار الأغذية لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة». ويقول رئيس إدارة أبحاث الأسهم المكلف في «الأهلي كابيتال» فاروق مياه، «على الرغم من توقعاتنا بانخفاض أسعار الأغذية خلال عام 2012، إلا أننا نعتقد أن التضخم سيستمر في السنين القادمة». وأوضح مياه أن أي ارتفاع في أسعار الأغذية العالمية سيشكل مصدر قلق لشركات الأغذية السعودية نتيجة لتعرضها واعتمادها على هذه المواد الأساسية. وقد أثر الارتفاع الأخير في أسعار الأغذية العالمية بشكل كبير في ربحية «المراعي» و«صافولا»، أكبر الشركات المدرجة في قطاع الأغذية السعودي.