أشار تقرير اقتصادي الى أن المملكة ما زالت معرضة لارتفاع أسعار المواد الغذائية نتيجة اعتمادها الكبير على الاستيراد وعدم القدرة على إيصال ارتفاع التكاليف للمستهلك مما يتسبب في المزيد من الضغط على هوامش شركات المواد الغذائية. وذكرت شركة الأهلي كابيتال في تقريرها حول أثر تضخم أسعار الأغذية العالمية على قطاع الأغذية السعودي أن أسعار الأغذية العالمية ارتفعت بشكل كبير عامي 2007 و 2008 إلى جانب الاثني عشر شهراً الماضية نتيجة تزايد الطلب وارتفاع استخدام المحاصيل الغذائية كوقود حيوي وانخفاض مكاسب الكفاءة من حيث استخدام الأراضي. وقال رئيس إدارة أبحاث الأسهم المكلف في الأهلي كابيتال فاروق مياه: على الرغم من توقعاتنا بانخفاض أسعار الأغذية خلال عام 2012، إلا أننا نعتقد أن التضخم سيستمر في السنين القادمة. قلق شركات الاغذية وأوضح مياه أن أي ارتفاع في أسعار الأغذية العالمية سيشكل مصدر قلق لشركات الأغذية السعودية نتيجة لتعرضها واعتمادها على هذه المواد الأساسية. وبوجه عام، تمكنت شركات الأغذية السعودية تاريخياً من تمرير تضخم التكاليف إلى المستهلك، إلا أنه مع الارتفاع النسبي للتضخم السعودي ستمنع الحكومة تمرير زيادة الأسعار إلى المستهلكين، حيث رفعت شركة المراعي في يوليو الماضي سعر عبوة الحليب «2 لتر» من 7 إلى 8 ريالات، إلا أنها أجبرت بعد أسبوع واحد على التخلي عن هذه الزيادة بسبب تدخل الحكومة، مما يصعب على شركات الأغذية تمرير التضخم إلى المستهلك النهائي، وبالتالي يضعف الهوامش الربحية، لذا يتوجب على الشركات أن تكون مبتكرة وفعالة في طريقة استخدامها للمواد الخام، بالإضافة إلى خفض التكاليف في بنود أخرى من أجل الحفاظ على هامش الربحية. الحكومة نجحت في تحجيم التضخم رغم ارتفاع الأغذية العالمية26% زيادة متواصلة للاسعار من جهتها، تعتقد منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة أن متوسط أسعار السلع الأساسية سيزداد خلال العقد القادم ليتراوح بين 15 و30%، ومن المتوقع أن يكون التضخم سائداً. ويشير تقرير «الاهلي كابيتال» إلى أن السعودية تعتمد بشكل كبير على استيراد المواد الغذائية لتلبية متطلباتها، ومن المتوقع تضاعف استيرادها للمواد الغذائية من 63 مليار ريال عام 2010 إلى 132 مليار ريال مع حلول عام 2020، ومن المتوقع أن يستمر الاعتماد على الواردات نظراً لمحدودية الإنتاج المحلي للمحاصيل بسبب شح المياه وعدم ملائمة الظروف المناخية. ومع أن سياسة الحكومة بين عامي 1970 و 1990 كانت تهدف إلى الاكتفاء الذاتي من المحاصيل الأساسية، إلا أن هذا تغير واصبح الهدف الحالي هو العمل مع الدول ذات الأراضي الخصبة التي تفتقر إلى الاستثمارات المالية للاستفادة من ذلك. تحديات المراعي وصافولا ويعتقد التقرير أن ارتفاع أسعار الأغذية العالمية ساهم في رفع التكلفة المباشرة للمواد الخام في شركة المراعي حوالي 42% من الإيرادات «68% من تكلفة السلع المباعة»، وتشكل المكونات الخام 42% من نفقات التشغيل، تليها تكاليف متعلقة بالأعلاف «33%» وتكاليف التغليف «25%»، كما أن استدامة الهوامش تشكل قلقا نتيجة للارتفاع الأخير في تكاليف السلع والمواد الخام، إضافة إلى القيود على رفع أسعار المنتجات النهائية التي تمنع المراعي من تمرير هذا الارتفاع للمستهلكين. وبالنسبة لشركة صافولا يعتبر ارتفاع أسعار الأغذية العالمية أكثر تأثيراً على الشركة، فقد شكلت تكلفة المبيعات حوالي 84% من الإيرادات، وتعتمد «صافولا» بشكل كبير على الاستيراد لتلبية متطلباتها من المواد الخام. وبالرغم من أن شركة صافولا ستستفيد من الانخفاض في أسعار الأغذية في السنة القادمة، إلا أن أي ارتفاع في أسعار المواد الخام مثل زيت الطعام والسكر سيؤثر سلباً على الهوامش، حيث بلغ متوسط مؤشر السكر لمنظمة الأغذية والزراعة 378 لعام 2011 مقابل 302 في عام 2010 بنسبة ارتفاع بلغت 24%، إضافة إلى ارتفاع متوسط مؤشر الزيت لمنظمة الأغذية والزراعة بنسبة 31% مقابل متوسط العام الماضي. وقد شهد قسم التجزئة في الشركة ضغوطاً هامشية نتيجة لارتفاع تكاليف الشراء المتعلقة بالمنتجات الغذائية. ويشير التقرير الى أن الاختلاف في أسعار السكر الخام والمكرر يشكل ضغطا على قسم السكر في الشركة. وتستخدم صافولا السكر الخام كمادة أساسية لتحويلها إلى سكر مكرر. وبالتالي، فأي انخفاض في سعر السكر المكرر عن سعر السكر الخام سيضغط على الهوامش. قيود لحماية المستهلك وتشكل القيود على تمرير ارتفاع تكلفة المواد الخام للمستهلك تحدياً كبيراً بالنسبة لصافولا. وتواجه الحكومة السعودية عدداً من التحديات للحد من التضخم في ظل ارتفاع أسعار الأغذية العالمية، حيث تشكل المواد الغذائية 26% من إجمالي نفقات المستهلك في السعودية، وبالتالي فأي ارتفاع في أسعار الأغذية سيؤثر على التضخم الكلي، ولمواجهة هذا التحدي اتخذت الحكومة العديد من التدابير، حيث تابعت أسعار المواد الغذائية الأساسية مثل: الشعير والحليب والقمح والسكر والدقيق، عن طريق التفتيش المستمر وفرض العقوبات على تجار التجزئة الذين يقومون برفع الأسعار دون سبب، كما قامت في مايو الماضي بمعاقبة 10 مستوردين للشعير بسبب رفع هامش الربح المحدد من قبل مجلس الوزراء، وقدمت معونات لشركات الأغذية للتخفيف من ارتفاع تكلفة المواد الخام. معونات غير كافية ويرى التقرير أن المعونات الحكومية قد توفر بعض الارتياح إلا أنها غير كافية لاستيعاب ارتفاع أسعار المواد الخام بشكل تام، مما يلقي بالمزيد من الضغط على هوامش شركات الأغذية. ويؤكد رئيس إدارة أبحاث الأسهم المكلف في الأهلي كابيتال نجاح بعض التدابير المتخذة في منع الشركات من تمرير ارتفاع الأسعار بشكل كامل للمستهلك، مما مكن الحكومة من تحديد التضخم الغذائي إلى 5.4% في أغسطس الماضي بالرغم من ارتفاع أسعار الأغذية العالمية بنسبة 26% حسب مؤشر أسعار الأغذية لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة.