سواء كان الأمر في مجال الأعمال أو في مجال الإثارة، فإن سجل رجل الأعمال ريتشارد برانسون يظهر أن هذا الملياردير الشهير قادر وبشكل أكبر من غيره على تحقيق ما يصبو إليه. فمن بناء إمبراطورية تشكلت مما يزيد على 200 شركة وتوظف نحو 25 ألف موظف إلى تحطيم الأرقام القياسية في الجو والماء، أثبت برانسون بأنه لا يفتقر إلى الشجاعة وبأنه يمتلك ذلك المزيج من الحظ والمهارة والذي مكنه من أن ينجز كل ما أراده. فكيف أصبح واحدا من أغنى رجال العالم؟ الجواب البسيط عن هذا السؤال يكمن في حقيقة أنه استطاع أن يقدم منتجات وخدمات قديمة بطرق جديدة في الوقت الذي ركز فيه على صناعات وأنشطة كان الزبائن يعانون داخلها من ضعف الخدمة لينهض بمهمة تقديم خدمات أفضل. ولد برانسون في إنجلترا في عام 1950 إلا أنه أظهر منذ البداية تلك الخصائل التي أبعدته عن الإحباط. فبعد محاولتين فاشلتين، تمثلت الأولى في زرع أشجار مخصصة لزينة أعياد الميلاد والثانية في تربية طيور الحب، وهو بعمر لم يزد على 16 عاما، أسس أول شركة ناجحة، تخصصت في إصدار مجلة طلابية، قادته إلى طريق النجاح الباهر في كل مجال من مجالات الأعمال التي ولج فيها. وبحلول عيد ميلاده ال20 أسس برانسون محلا لبيع التسجيلات الموسيقية عبر الطلب من خلال البريد أطلق عليه اسم «فيرجين» ليتمكن بعد فترة وجيزة من ذلك من فتح محل كبير لبيع التسجيلات الموسيقية يحمل الاسم نفسه ولكن يقع في شارع أكسفورد الشهير في قلب لندن. فيرجين في صدارة عالم الموسيقى بحلول عام 1972 استطاع محل فيرجين أن يوقع عقدا مع أول فنان معروف، وهو مايك أولدفيلد. وبعد أن استطاع بيع خمسة ملايين نسخة من التسجيلات الموسيقية لهذا الفنان أصبح «فيرجين ميوزيك» اسما قائما بذاته استقطب أشهر الفنانين والمجموعات الغنائية بضمنها «سيكس بيستولز» و«كالتشور كلوب» و«ذي رولينج ستونز» وفيل كولينز و«جينيسيز» وجانيت جاكسون. ولم تمض سوى فترة قصيرة ليتحول اسم «فيرجين» إلى علامة تجارية معروفة في عالم الموسيقى. فيرجين تحلق في السماء في عام 1984 أقدم برانسون على تأسيس شركة «فيرجين أتلانتيك» للخطوط الجوية التي استطاعت منذ سنتها الأولى تحقيق الأرباح. وقد تضمنت خدمات الشركة ذات الدرجات الثلاث، الاقتصادية، والاقتصادية الممتازة، والدرجة العليا «الأولى»، تقديم الوجبات والمشروبات المجانية أثناء الطيران، والمقاعد المريحة المجهزة بشاشات التليفزيون والتي مثلت ابتكارا للشركة في عالم الطيران. وكان أيضا بإمكان المسافرين على الدرجة العليا أن يطلبوا خدمات سيارة الليموزين في ذهابهم وإيابهم من وإلى المطار وأن يتمتعوا بخدمات نادي فيرجين الكائن في مطار هيثرو بلندن وهو مكان فاخر مجهز بجميع وسائل الاتصال الحديثة. وكل هذه الخدمات كانت في البداية من ابتكار ابتدعته شركة «فيرجين» سرعان ما شرعت شركات الطيران الأخرى في تقديمها. مغامرات فيرجين بفضل شهية برانسون لدخول الأنشطة والصناعات التي تعاني من المشكلات، شهدت مجموعة «فيرجين» تنوعا كبيرا في عملياتها ومصالحها. ففي عام 1997 حاولت المجموعة أن تعيد تعريف وصياغة قطاع السكك الحديدية من خلال القطارات المتقدمة تكنولوجيا والمستويات الرفيعة والفاخرة من الخدمات المقدمة إلى المسافرين. وفي محاولة أخرى دشنت المجموعة «فيرجين موبايل» للاتصالات. ولم تكتف «فيرجين» بكل ذلك بل قامت من خلال فروع أخرى بإنتاج مشروبات غازية تحمل علامتها على الرغم من أن هذا المجال من النشاط لم يحقق نجاحا باهرا. الأرقام القياسية لم يكتف برانسون في مراكمة الثروة بل اتخذ على نفسه مهمة تحطيم عدد من الأرقام القياسية. ففي عام 1986 قام بعبور المحيط الأطلسي بقارب بأسرع زمن مسجل في ذلك الوقت. وفي العام التالي عبر برانسون المحيط الأطلسي بواسطة منطاد يحمل اسم «فيرجين أتلانتيك فلاير» وبسرعة 130 ميل في الساعة. وفي عام 1991 وبسرعة بلغت 245 ميل في الساعة عبر برانسون الأطلسي مرة أخرى قاطعا 6700 ميل. وأخيرا، وفي عام 1998 حاول أن يسجل رقما قياسيا في الطيران من خلال الدوران حول الأرض إلا أن محاولته فشلت بسبب سوء الأحوال الجوية. الأعمال الخيرية بعد أن بدأ أول أعماله الخيرية وهو بعمر لا يزيد على 17 عاما، استمر برانسون في تقديم التبرعات السخية طوال حياته. ويشغل الآن منصب العضو المؤتمن للعديد من الجمعيات الخيرية الدولية المعروفة، بضمنها مؤسسة «فيرجين» للرعاية الصحية، وهي مؤسسة تركز على معالجة مرض الأيدز وعلى التعليم الصحي. كما تعهد برانسون بالتبرع بثلاثة مليارات دولار على مدى الأعوام العشرة المقبلة يتم تخصيصها لمحاربة ظاهرة التسخين الحراري، حيث سيقوم باستثمار جميع أرباحه التي تدرها عمليات السكك الحديدية والطيران في مجالات تشجع المبادرات الهادفة إلى زيادة الاعتماد على الطاقة المتجددة والنظيفة .