عندما قررت الشركة المشغلة لنظام ساهر تصفيح جميع مركبات النظام ضد الرصاص في محاولة لحماية موظفيها من الاعتداءات المتكررة، لنا أن نسأل ما الذي حول المواطن البسيط إلى مجرم مخرب؟ وهل وسائل الحماية تفي بحل المشكلة؟ في مقال سابق حذرت من مغبة استفزاز المواطن والضغط عليه بهذا النظام، وتعطيل مصالحه في حال استعصى عليه السداد، وضرورة إعادة النظر لضبطه بما يتوافق مع المنطق ويمكننا أن نستفيد من تجارب عالمية جنت من هذا النظام فوائد جمة، وها هي بوادر المشكلة تظهر على السطح، وماذا بعد تصفيح السيارات وأخذ الحيطة والحذر، والتأمين على حياة الموظف وتحسين أوضاع التأمين الصحي بالتغيير إلى شركة أفضل لتقديم الرعاية الطبية، وتركيب كاميرات أمام وخلف المركبات، لرصد وتوثيق صور المعتدين، هل تتحول شوارعنا إلى حرب عصابات بين ساهر والمواطن؟ ونغض الطرف عن أصل المشكلة، ليبقى الحال كما هو، فماذا نتوقع حينها؟ التمرد لا يأتي من فراغ، إنما بدأ باعتراض على استحياء ثم تعاظم حتى دخل ميدان الهمجية والإجرام، لا بد من حل حكيم يأخذ في اعتباره مصلحة الوطن والمواطن، ولا يكون سببا في فجوة تدخل منها اجتهادات شخصية تضر الطرفين. منذ إطلاق ساهر إلى يومنا هذا لا يزال الجدل قائما، والتوتر، والانزعاج، فالمجتمع السعودي مسالم بطبعه، ولم يعترض على كثير من الأنظمة المتوازنة في مختلف المجالات، وبكل تجرد فإن طريقة تطبيق نظام ساهر أثبتت فشلها الواضح، فكيف يمكن أن يصعد النظام الوضع لدرجة الاعتداءات المتكررة في وطن الأمن والأمان؟! وكيف نسميه نظاما وقد أدى للفوضى بهذا الشكل المخيف؟ النظام الحقيقي والمنطقي يمنح الجميع وضوحا في المفاهيم، واللوائح المنظمة، ويعرف الفرد متى يعاقب ومتى يثاب، ولماذا يعاقب، وأن يكون الجزاء موازيا للخطأ لا يزيد عليه ليصبح أبعد ما يكون عن العدل والإصلاح.