دوما في كل قصة نجاح نجد أن الإرادة الصادقة والعزيمة والتخطيط أحد أسرارها، فالعقل المفكر قبل أن يخطو أي خطوة يحرص على أن يعرف التفاصيل التي ستقوده نحو مسعاه.. نستشف ذلك من خلال قصة الطيران الطويلة، والحافلة بأسماء المخترعين ومواقف النجاح والفشل، حتى وضع الأخوان رايت الشكل النهائي للطائرة. عندما نتمعن في الأسلوب الذي اتبعه أورفيل وفيلبور رايت سنجد أنهما في بداية الأمر أخذا على عاتقهما صنع الطائرة لخدمة البشرية، ومن المعروف أن الإرادة الصادقة لتحقيق الحلم هي نصف الإنجاز والنصف الآخر هو العمل! لكنهما لم يباشرا صنع هيكل الطائرة ورميها بالجو وإجراء التجارب الكثيرة، بل أجلوا هذه العملية لبعد عملية أهم تسمى «الاستفادة من أخطاء الآخرين» لقد تأنى المخترعان أعواما كثيرة قبل إجراء أي تجربة في حقل الطيران، وخصصا هذه السنين لدراسة تفاصيل الطائرات وتجارب العلماء السابقين في هذا المجال، على سبيل المثال قصة الرجل الإنجليزي بيلتشر الذي حاول صنع طائرة تعمل بالمحرك البنزيني لكن طائرته هوت به ومات! وكذلك قصة العالم هيرام ماكس الذي صنع مدفعين بخاريين وقام بتركيبهما على جانبي طائرته وبالفعل حلقت الطائرة قليلا لكنها سرعان ما انقلبت وتحطمت، أيضا قصة المهندس الألماني أوتوليلينتال الذي تبنى فكرة الطائرة الشراعية وقرر التحليق فيها، حتى أنه وخلال خمسة أعوام حلق بواسطة طائرته الشراعية 2000 مرة، لكن في إحدى الأيام أثناء طيرانه هبت رياح قوية أطاحت به فمات متأثرا بجراحه، ويذكر أن آخر ما قاله هو: لا بد من التضحية! مثل هذه القصص هي التي ركز عليها الأخوان رايت، حيث درسا الأخطاء التي تم ارتكابها وتفادوها في نموذجهم، كما أنهم وبفضل التمعن وإجراء التجارب الدائمة تكون رأيهم الخاص والمتين في صناعة الطائرات.. وبالفعل في عام 1903 حققت طائرة الأخوان رايت أول تحليق ناجح في التاريخ، حيث قطعت مسافة 36 مترا ثم هبطت بسلام.. ولم يتوقفا عند هذا الحد بل استمرا بصناعة الطائرة وتطويرها وفي عام 1908 قدما عرضا لآخر ما صنعاه أمام حشد كبير من الناس في فرنسا، وكذلك عرض في أمريكا أمام ممثلي الحكومة والصحفيين. وهكذا وبفضل الإرادة الصادقة والتخطيط والتفكير السليم والتأني والإصرار التي تحلى بها مجموعة من الناس عبر التاريخ كرروا خلاله كثيرا من النجاحات والفشل والصعوبات والأخطاء، قدموا كثيرا من التضحيات من أجل تحقيق الحلم، تحول الطيران من خرافة إلى حقيقة وواقع نعيشه كل يوم.. ولا بد أن نتذكر ما قاله أوتوليلينتال «لا بد من التضحية»!