بعد يوم واحد فقط من إزاحة «آبل» الستار عن إصدار جديد من هاتف آي فون تم تسجيله كماركة عالمية باسمه فقد العالم ستيف جوبز «56 عاما» المبتكر الفذ الذي أعاد تشكيل صناعة الكمبيوتر والهاتف الجوال في العالم، وغير العادات اليومية لملايين البشر، وأصبحت الشركة بعلامتها الشهيرة «تفاحة» مؤقتا أغلى شركة في العالم في بداية أغسطس الماضي متقدمة على أكسون موبيل في بورصة نيويورك، قبل أن تعود مجددا إلى المرتبة الثانية». وقوبل نبأ وفاة جوبز الذي كان يعتبر قلب وروح شركة آبل بعد صراع دام عاما مع سرطان البنكرياس على الفور بعبارات التأبين من زعماء عالميين ومنافسين في قطاع الأعمال ومحبيه الذين أبدوا حزنهم على رحيله وأثنوا على إنجازاته الكبيرة. وتجمع محبو جوبز خارج متاجر «آبل» حول العالم من لوس أنجليس إلى سيدني وخارج أحد المتاجر في مدينة نيويورك صنع محبوه هيكلا تذكاريا من الشموع وباقات الزهور وتفاحة وجهاز آي.بود تاتش، وفي سان فرانسيسكو رفعوا صورة بالأبيض والأسود لجوبز على أجهزة آي.باد فيما تحولت كثير من المواقع الإلكترونية ومن بينها موقع آبل إلى صفحات تأبين إلكترونية في شاهد على الإبداع الرقمي الذي كان جوبز مصدر إلهام فيه. وترك جوبز منصبه كرئيس تنفيذي لشركة آبل في أغسطس وسلم القيادة لتيم كوك الذي تولى منصب مدير التشغيل لفترة طويلة، ويقول معظم المحللين والمستثمرين إن جوبز الذي كان مولعا ببساطة التصميم، وعبقريا في التسويق وضع أساسا يمكن الشركة من مواصلة الازدهار بعد وفاته. لكن «آبل» لا تزال تواجه تحديات في غياب الرجل الذي كان أكبر مصممي منتجاتها وأستاذا في التسويق ورجل مبيعات لا يبارى. وتستحوذ الهواتف التي تعمل بنظام تشغيل أندرويد من جوجل على حصة متزايدة بالسوق، وهناك تساؤلات عن الإنجاز الكبير التالي في خط إنتاج «آبل». وكانت آخر رسالة لستيف جوبز بعد تنحيه عن منصبه هي: «لطالما قلت إنه إذا أتى يوم لا أستطيع فيه أداء واجباتي أو الوصول إلى مستوى الطموحات كمدير تنفيذي ل«آبل»، سأكون أول شخص يخبركم بهذا، للأسف، هذا اليوم قد أتى.. أنا الآن أستقيل من منصبي كمدير تنفيذي لشركة آبل. أود أن أخدم «آبل» إذا رأى المجلس أن ذلك ممكن، كرئيس للمجلس وكموظف في «آبل».. بالنسبة إلى من يخلفني، أوصي بشدة أن تكون الخطوة القادمة تسمية تيم كوك رئيسا تنفيذيا ل«آبل». والواقع أن متاعب جوبز الصحية بدأت قبل ثمانية أعوام، وظهرت آثاره عليه بوضوح في مختلف المناسبات العامة التي استدعت وجوده، مثل رفع النقاب عن «آي فون» و«آي باد» وغيرهما من الأجهزة «الثورية» التي عادت بها «آبل» بقوة هائلة إلى حظيرة شركات التكنولوجيا العملاقة. وفي العام قبل الماضي، خضع لعملية زراعة الكبد، واضطر إلى الاختفاء عن الأنظار فترات طويلة، ثم الظهور، ثم الاختفاء، قبل أن يماط اللثام عن إصابته بسرطان البنكرياس. وأحدث جوبز مع شريكه المؤسس، ستيف ووزنياك، ثورة في عالم الكمبيوتر الشخصي في النصف الثاني من السبعينات، وفي مطالع الثمانينات كان من الأوائل الذين اكتشفوا القيمة التجارية لأنظمة تشغيل الكمبيوتر بالرسومات والتصاميم والفأرة بدلا من طباعة الأوامر أو إصدارها باستخدام لوحة المفاتيح، وبعد غياب ومشكلات تجارية مدمرة أعاد إلى «آبل» مجدها بسلسلة من الأجهزة «السحرية» بدءا من «آي بود» ومرورا ب«آي فون» ثم «آي باد» فيما تبلغ القيمة السوقية للشركة التي تنتج «آي فون» و«آي باد» 346 مليار دولار. يشار إلى أن الأب الحقيقي للراحل هو المهاجر السوري عبدالفتاح جندلي الذي ارتبط بعلاقة غير شرعية أثناء الدراسة في وسكنسن بزميلة له، اسمها جوان كارول شيبل، وأثمرت عن طفل أنجبته، لكن والد الطالبة كان محافظا، ورفض زواج ابنته من صديقها، ولم ير جندلي طريقا أمامه سوى الانفصال عن الأم وابنها معا، قبل أيام من ولادة الطفل في 1956 وتوارى عن الأنظار. وعرضت الأم طفلها في سان فرانسيسكو على من يرغب في تبنيه، وتبناه الزوجان بول وكلارا جوبز، وهكذا قدر للطفل ستيف أن يترعرع بعيدا عن أبويه الحقيقين .