تخبطت المرأة السعودية كغيرها من النساء طويلا بين آراء اعتراضات.. فمن يقرأ وضع المرأة على مدار تاريخ الحضارات يجد صورة مخزية لما مرت به! فكلما أرادت شعوب أن تتقدم وتتطور رفعت شعار «حقوق المرأة»، ويقتضي هذا الشعار معاملة المرأة بشكل استثنائي على غير الرجل، فهل هذه الاستثناءات هي المطلوبة؟ دائما ما تبالغ الحضارات في رد فعلها تجاه المرأة، ذلك الكائن الذي لم يعش حالة مستقرة قط، فتارة تحتقر وتارة أخرى تعظم وتمجد! ويذكر أن الحضارة الإغريقية كانت تحرم تعليمها القراءة والكتابة.. وفي الهند كانت وما زالت تحرق وتدفن مع زوجها حين وفاته.. أما في بعض القبائل الإفريقية فأعطيت المرأة لقرون طويلة حق تعدد الأزواج بل كانت تحكم المجتمع وتمسك بزمام الأمور وتسير الرجل.. ومن بعض العادات العجيبة التي لا أعرف كيف يجب تصنيفها هي تمجيد الحضارة الفرعونية للمرأة التي أعطيت حقوقا لم تعط لها في أي عصر من العصور لدرجة أنهم كانوا يضحون بامرأة كل عام تعبيرا عن مكانتها في مجتمعهم! وفي تاريخ كل حضارة تجد كما لو هنالك صراع في أمر هذه المرأة، كما في بداية العهد الروماني فكانت تسلب حقوقها باعتبارها أداة إغواء، إلا أنها طرأت الكثير من التغييرات لتلك العادات المجحفة، فأعطيت المرأة الرومانية منصب القاضية ومنحت حق الإرث وحقوق التجارة وامتلاك ثروتها الخاصة! وبعد يأس لازم المرأة السعودية عقودا طويلة فتح خادم الحرمين الشريفين باب مشاركة المرأة في مجلس الشورى والمجالس البلدية، فعبر بعض الرجال وحتى النساء عن استيائهم بهذا التغيير.. مع أن أصوات هؤلاء المعارضين لم تسمع بهذا العلو من قبل حين سلبت حقوق الأرامل والمطلقات والمقهورات من أولياء أمورهن! وهناك أيضا من يظهر فرحة عارمة بهذا القرار مع أن الرياح أتت بما لا تشتهي سفنه! إن الفرحة لا تكفي فخطوة المرأة السعودية التالية اليوم ليست لفتح أذنيها لأي محتج، بل سيطلب منها حمل هذا التكليف بقوة وتأهيل نفسها علميا وفكريا واجتماعيا وسياسيا لدخول هذه المنافسة والفوز في مقعدها الانتخابي القادم.