يفترض أن أقدم في هذه الحلقة عرضا لحقوق المرأة في العصور الوسطى وحالها وعلاقتها بزوجها وبالذكور في العائلة لكي نتعرف على الخلفية الاجتماعية التي تعيشها المرأة قبل أن نلج في مسألة السحر. بيد أني تجنبت ذلك حتى لا أصيبكم بفاجعة وقررت أن أقفز إلى السؤال لماذا المرأة هي أكثر ضحايا محاكم التفتيش. من بين الاتهامات الأساسية التي كانت تواجهها المرأة في العصور الوسطى أنها على اتصال بجنود الشيطان. كانت الساحرة (المرأة) تسافر إلى (السابات) بإغراء من هؤلاء الجنود. (جاءت كلمة السابات من العبرية أي يوم السبت). تنغمس المرأة هناك في حفلات المجون الجماعية الراقصة وتقبل مؤخرة الشيطان وتضاجع الرجال والنساء الاخريات والاقارب وجنود الشيطان أو الشيطان نفسه دون تمييز. تقوم المرأة بهذا لأسباب ثلاثة تخصها بوصفها امرأة. فهي بتطبيعتها مترعة بشهوات فائضة وضعيفة الإرادة لا تقاوم تلك الشهوات وعرضة للكآبة. يستطيع الشيطان إذا أن يستولى عليها بسهولة عندما تكون في حالة تهيج أو مكتئبة. لا شك أن غياب زوجها وتفردها بذاتها يدفعها إلى ذلك. كل الساحرات تحولن إلى السحر بسبب الشبق، وهي رغبة موجودة في المرأة لا يمكن إشباعها بشكل طبيعي. المفهوم السائد في تلك الفترة أن المرأة خبيثة وشهوانية وتشكل خطرا على الرجال. هذا الإيمان فرض على النظام الاجتماعي في العصور الوسطى أن تكون المرأة دائما تحت سلطة ومراقبة أي رجل من العائلة بغض النظر عن سنه. هذا الموقف من المرأة لم ينشأ من الفنتازيا بل يستند أيضا إلى بعض الاختلافات الطبيعية التي تميز المرأة عن الرجل. يبدأ احتقار رجل العصور الوسطى للمرأة من احتقاره للعادة الشهرية. دم الطمث في نظره علامة على الضعف والمرض والسقم. يشبهونه بالخارج من السبيلين. وهو أحد الأسباب التي جعلت المجتمع يعطي المرأة الوظائف الدنيا أو يمنعها من العمل نهائيا. جسد المرأة يعاني من نقيصة أصيلة مقارنة بجسد الرجل. هذه النقصية لم تترك على حالها كنقصية تسلب من المرأة القوة بل بالعكس هي مصدر خطر على الرجل. يؤمن رجل العصور الوسطى أن دم المرأة له تأثير سحري. يمكن استخدامه لإثارة الشهوة ويساعد على الحبل. لاحظ المفتش والمحقق ستيفنوت دي أودبرت أن عقد المرأة مع الشيطان كتب بهذا الدم. قراءة لهذا الموقف سنرى أن المرأة خاسرة على الوجهين. لم يكتفِ رجال الدين بأن وضعوا حالة طبيعية أنثوية موضع احتقار بل رحلوها لتصبح أيضا مصدرا للخطر. جسد المرأة مشكلة رجال الدين الأزلية كما نعرف جميعا. قرأنا حتى في عصرنا هذا أن المرأة ليست بريئة حتى من اغتصابها. هذا مفهوم سائد في العصور الوسطى بشكل اكثر صراحة من عصرنا هذا. عندما تتعرض المرأة للاغتصاب تكون هي جزء من الجريمة. هناك ايمان سائد ومقر أن المرأة تجتذب المعتدي أكثر مما ينجذب هو لها. هذا التطلع للاغتصاب عند المرأة هو دافع المرأة لإغواء الشيطان. يقول المثل في ذلك الزمان (ديك واحد يكفي عشر دجاجات بينما لا يكفي امرأة واحدة عشرة رجال). (في الثقافة الشعبية في المملكة المرأة بسبع شهوات). هذه الشهوة المرضية لا تقتصر على الشابات. المرأة المتقدمة في السن لا تنجو من هذه التبعات الجنسية بل تتضاعف عندها. تقدمها في السن لا يشكمها بل يزيدها. كلما تقدمت في العمر تكون أشد رغبة وجنونا جنسيا لا يتفوق عليها سوى الأرملة. هذا الجنون لا يقدر على إشباعه الرجل العادي فتضطر إذا خلت بنفسها أن تستسلم للشيطان وجنوده. الشيء الذي لم أصل إليه بعد: كيف تسربت كثير من هذه المفاهيم إلى شعوب منطقتنا. هل للحروب الصليبية دور في ذلك؟