أعتقد أن إشراك المرأة في مجلس الشورى والبلديات هو قرار تاريخي، إذ إنه يمثل من وجهة نظري انعطافة سياسية وحقوقية هائلة، وهذا بلا شك مدعاة إعجاب وابتهاج للعلم بأن مثل هذه القرارات التاريخية تكون مفاتيح لما بعدها من إصلاحات وتنميات ومراجعات لكثير من الملفات المعنية بالمواطنة، وترسية دعائم شورية حقيقية تواكب حركة المجتمع ووعيه الثقافي والسياسي. فالبدء بهذه الخطوة، منح المرأة حق المشاركة السياسية، يمثل أساسا لمبدأ المساواة الذي يجب أن يغرس قبل أي تخطيط لمشاريع كبرى ونقلات سياسية أو تحولات، ومن غير الصائب الاعتقاد بأنها خطوة قليلة الأهمية أو خالية من الجدوى، فما تحمله من رمزية وأبعاد اجتماعية في الوعي والإدراك لمثل هذه القيم يجعلها بمرتبة الخطوة الأساسية. ومن خلال رصدي لبعض ردود الأفعال حيال القرار، رأيت أن الكثيرين يرون أن لبعض المسائل المعيشية المعقدة والمتأزمة الأولوية عن المسائل الحقوقية كحق المرأة في المشاركة السياسية، ولكن هل هذا صحيح؟ في العمل السياسي تكون هناك قراءة أبعد مما يتطلع إليه بعض المواطنين بما يخص الشؤون الخدمية والمعيشية التي تمس الأفراد بشكل مباشر، فإلى جانب العمل الدؤوب الذي يجري على قدم وساق لحل أزمة الإسكان مثلا، وهي مطلب ذو أولوية متقدمة لدى المواطن، فإن العمل يسير في الاتجاه الموازي نحو معالجة الملفات الحقوقية، لأن الخطط تسير في تكامل ولا تسير في تسلسل وترتيب الهموم المختلفة في الأذهان. ولا يعني وجود أزمات كالبطالة والإسكان والتعليم والصحة والخدمات، أنه يجب أن ترجأ مشكلات أساسية تخطيطية وإدارية أخرى. وعليه فإن هذا القرار يجب أن يجد مفعوله اجتماعيا أولا، وتتغير النظرة المجتمعية تجاه المرأة وحقوقها وكرامتها وإنسانيتها، وأن يعاد النظر في شؤونها، التي ظلت عقودا تقدم على أنها النمط النموذجي، من خلال لوحات دعائية اتضح أنها مخادعة.