أن تعمل في صناعة السينما اليابانية فهذا ليس بالأمر العابر لما تشكله هذه السينما من حضور قوي، تاريخيا ودوليا، ولكن أن يسجل اسمك بين عشرات المبدعين منافسا يصل لقمة الهرم بتأسيس نمط مختلط وغريب بات سمة السينما الحديثة باليابان، فهذا قمة التفوق ومثاله الصارخ الذي بات اسمه في اليابان والعالم «تاكيشي كيتانو» الذي نجح بتعدده المثير « اقتصادي – صحفي – شاعر – أديب ممثل – مخرج – كاتب سيناريو – مونتير – ومنتج» في حفر اسمه عميقا ب«ضربة للفوز» كما سمي ببداية مشواره. ولد «تاكيشي كيتانو» في 18 يناير 1947 بمدينة «أداتشي طوكيو» لأسرة عاملة ومحدودة الدخل، ودرس «كيتانو» الاقتصاد في جامعة «ميجي» وبعدما تخرج عمل مشغل مصعد في النوادي الليلية، وفي صراع أساسه الكفاح ضد ظروف الحياة تنقل في العديد من المهن التي أعادت صياغة توجهاته في الحياة، إذ بدأ المشوار صحفيا في الجرائد المحلية ومعلقا رياضيا، وخلال تلك الفترة نشر العديد من الأشعار والكتب بلغت في محصلتها أكثر من 400 كتاب بين رواية ومقالات مجمعة. قبل أن تبدأ علاقته مع الشاشة التي كانت فاتحتها عبر الإعلانات التليفزيونية. وفي عام 1970 كون مع صديقه «كايوشي كانيكو» ثنائيا كوميديا ولقبا ب«Beat Two Beat» أي «ضربة للفوز»، وعمل بعدها في العديد من الأدوار التليفزيونية والسينمائية البسيطة قبل أن يتعرف على المخرج الكبير «ناجيزا أوشيما» ويعمل معه في فيلم «عيد ميلاد سعيد سيد لورانس» عام 1983 الذي كان تذكرته إلى العالمية، وعمل بنصيحة هذا المخرج الكبير بتقديم أدوار جادة، حيث أسس «تاكيشي» لنفسه مكانة مرموقة في المرئيات اليابانية، وخصوصا بأدوار المجرم والشرير. إلى أن جاء عام 1989 ليخرج للعلن الجانب الأكثر إبهارا في مواهب هذا الرجل، فعلى إثر اعتذار أحد المخرجين عن إخراج أحد الأفلام يتولى « كيتانو» إخراج الفيلم بدلا منه، ويجري تعديلا على السيناريو ويخرج أول أفلامه السينمائية، وهو فيلم «الشرطي العنيف» الذي لاقى نجاحا وصدى طيبا من الجمهور والنقاد، ويتبعه في عام 1990 بكتابة وتمثيل وإخراج فيلم «درجة الغليان» ثم فيلم «مشهد في البحر» عام 1992، الذي قام فيه بالإضافة للكتابة والإخراج بعمل المونتاج. وعلى أثر هذا الفيلم يتعرض «كيتانو» لحادث مروع يؤدي إلى فقدانه السيطرة على أعصاب وجهه، فتصبح جامدة شديدة الصرامة خالية من أي تعبير. لكن ذلك لا يثنيه عن مشواره فهو كما يقول عن نفسه: «مثل الدراجة إذا توقفت عن السير تسقط على الأرض». وبعدها يقدم فيلمه الرابع «سوناتين» عام 1993، وهو الفيلم الذي قدم «تاكيشي كيتانو» للعالم مخرجا ذا رؤية فنية جديدة وعالية المستوى في السينما اليابانية. إلى أن حمل له عام 1997 أول ثناء دولي، حيث جاءت نتائج لجنة التحكيم لتعلن عن فوز فيلم «الألعاب النارية» بجائزة الأسد الذهبي أفضل فيلم في مهرجان فينيسيا. وبعد هذا الفيلم قدم أفلاما كوميدية مثل «يحصل على» وأخرج وأنتج فيلم «عودة الأطفال». وفي عام 1999 قدم اثنين من أعظم أدواره في فيلم «كيكوجيرو»، واشترك بالتمثيل في فيلم «المحرمات» مع معلمه القدير «ناجيزا أوشيما» ثم مثل وكتب وأخرج فيلم «الأخ» عام 2000. وتستمر المسيرة بأفلام احتلت مكانتها المرموقة ك«دمى» و«الساموراي الضرير» وآخرها «غضب» عام 2010. وقد عمل خلال مسيرته بتقديم العديد من البرامج التليفزيونية كبرنامج «تك شو» وبرنامج «الحصن».