تحركت الحكومة الأمريكية أخيرا لمقاضاة أقطاب الاقتصاد والمال في أمريكا والمتمثلين في بنك أوف أميركا، جيه بي مورجان، جولدمان ساكس، دويتشه بنك وآخرين، بشأن تشويه صحة سندات الرهن العقاري التي تباع، في إشارة واضحة إلى أن فصل الربيع الذي كان بين الحكومة وأركان الاقتصاد الأمريكي قد انتهى في ظل التعثر المستمر لأمريكا في معالجة أوضاعها الاقتصادية داخليا. وعلمت «شمس» أن المقاضاة سوف تطول 17 مصرفا إضافة إلى مجموعة من وكالات التصنيف الائتماني التي منحت السندات الحكومية الأمريكية في وقت سابق العلامة الكاملة للأمان في الاستثمار لتلك السندات، مما دفع المستثمرين إلى الإسراع في شراء تلك السندات، إلا أنه باتت – السندات الأمريكية- مصدر خطر وقلق لمالكيها، تخوفا من عدم إيفاء أمريكا بتلك الفوائد. في المقابل توجهت المصارف الأمريكية وعدد من العربية ومنها الخليجية بمقاضاة وكالات التصنيف الائتماني التي شجعتهم في وقت سابق على شراء تلك السندات، وتراجعت في تصنيفها الكامل لها، مما تسبب في خسائر وإشكالات للاستثمار. وواصل البنك الدولي انتقاداته وتحذيراته لأمريكا وأوروبا، على السياسات الاقتصادية التي ينتهجها كل منهما، وأكد أن الاقتصاد العالمي يسير في اتجاه سلبي نتيجة الديون المتعثرة لأمريكا إضافة إلى المشاكل المستمرة التي تعانيها منطقة اليورو. وخلال ذلك حذر رئيس البنك الدولي روبرت زوليك، أمس، من أن الاقتصاد العالمي على حافة الخطر بسبب الديون الضخمة وبطء النمو وضعف ثقة المستثمرين، وقال إن ارتفاع أسعار المواد الغذائية إلى مستويات قياسية والتقلب في أسواق السلع الأساسية يعرضان للخطر الأشخاص الأكثر ضعفا وتأثرا في العالم. وتابع «الاقتصاد العالمي يدخل منطقة خطر جديد في خريف هذا العام، لقد أصبحت الأزمة المالية في أوروبا أزمة ديون سيادية تترتب عليها آثار خطيرة بالنسبة للاتحاد النقدي». واعترف زوليك أنه يتعين على أمريكا أن تسيطر على ديونها وإنفاقها وتصلح النظام الضريبي لتعزز نمو القطاع الخاص. وأكد رئيس البنك الدولي «لكننا نعيش في اقتصاد عالمي. قرارات في أوروبا وقرارات في أمريكا وقرارات في الصين- إنها تؤثر علينا جميعا»، وأشار أيضا إلى أن الصين تحتاج إلى إصلاحات لبناء «مجتمع حديث متناغم ومبدع ومرتفع الدخل». وأضاف «إذا استمرت الصين في مسار النمو الحالي، فإنه بحلول عام 2030 سيصبح اقتصادها معادلا ل15 اقتصادا مثل اقتصاد كوريا الجنوبية اليوم، وذلك باستخدام أسعار السوق.. من الصعب أن ندرك كيفية استيعاب هذا التوسع مع نموذج نمو يعتمد على التصدير والاستثمار». واتفق زوليك مع محللين آخرين قالوا إنه ينبغي على الصين أن تزيد استهلاكها المحلي وتحسن الكفاءة الاقتصادية وتضيق الفجوة بين سكان الريف والحضر. وفي نفس السياق أعلنت المفوضية الأوروبية، أمس، أن أيرلندا والبرتغال ستحصلان على دفعة جديدة من حزمة قروض الإنقاذ المتفق عليها مع الدولتين، حيث التزمت الدولتان بالقواعد المقررة للحصول على القروض. يأتي ذلك في الوقت الذي توقفت فيه محادثات صرف دفعة جديدة من قروض الإنقاذ لليونان بعد فشل أثينا في خفض عجز الميزانية إلى الحدود المستهدفة. وقال الاتحاد الأوروبي في بيان إن حكومتي البرتغال وأيرلندا أظهرتا «التزاما بمعالجة نقاط الضعف الرئيسية في ماليتيهما العامة والقطاع المالي واعتبارات المنافسة». وبذلك ستحصل أيرلندا على دفعة جديدة قدرها 2.5 مليار يورو «3.5 مليار دولار» من شركائها في منطقة اليورو بنهاية سبتمبر الجاري إلى جانب ثلاثة مليارات يورو في أكتوبر المقبل. في الوقت نفسه سيدفع صندوق النقد 1.5 مليار يورو لأيرلندا في حين تدفع بريطانيا وهي ليست عضوا في منطقة اليورو 500 مليون يورو. وتعد هذه الأموال جزءا من حزمة قروض تصرف على مدى ثلاث سنوات بقيمة إجمالية قدرها 67.5 مليار يورو كان قد تم الاتفاق عليها بين أيرلندا وصندوق النقد الدولي والاتحاد الأوروبي في نوفمبر الماضي. وكانت الأسهم الأمريكية تراجعت بأكثر من 2 % عند إغلاق وول ستريت، أمس، ما أدى لمحو المكاسب التي حققتها البورصة في أسبوع بسبب بيانات أظهرت توقف نمو الوظائف الأمريكية في أغسطس الماضي مما أذكى المخاوف بشأن عافية الاقتصاد وتوجه الاقتصاد الأمريكي لحالة ركود أخرى. وتراجع مؤشر داو جونز الصناعي لأسهم الشركات الأمريكية الكبرى عند الإغلاق 253.16 نقطة أو 2.20 % إلى 11240.41 نقطة. كما هبط مؤشر ستاندرد آند بورز الأوسع نطاقا 30.46 نقطة. ونزل أيضا مؤشر ناسداك المجمع الذي تغلب عليه أسهم شركات التكنولوجيا 65.71 نقطة أو 2.58 % إلى 2480.33 نقطة. وواجهت أسهم الشركات المالية اليوم ضغوطا إثر ورود تقارير صحفية أن حكومة أمريكا تستعد لإقامة دعاوى قضائية ضد بنك أوف أميركا، جيه بي مورجان، جولدمان ساكس، دويتشه بنك، وآخرين. ولم تسجل الوظائف غير الزراعية أي نمو في الشهر الماضي إذ إن تراجع ثقة المستهلكين أثنى الشركات الأمريكية عن التوظيف وأبقى الضغط على مجلس الاحتياطي الاتحادي «البنك المركزي الأمريكي» لتقديم تحفيز نقدي إضافي لدعم الاقتصاد. وقالت الحكومة إن أرباب العمل لم يضيفوا أي وظيفة الشهر الماضي. وكانت أضعف قراءة منذ سبتمبر 2010 عندما خسر الاقتصاد 27 ألف وظيفة كما بقي معدل البطالة عند 9.1 % .