اعتبر المستشار في العلاقات الأسرية والتربوية الدكتور خالد الصغير أن ثقة الأبناء في آبائهم وأمهاتهم، لا تجعلهم يفكرون في التصرفات التي يستشفونها منهم، مبينا أن الفيصل في التربية والقدوة هم الآباء والأمهات، لأنهما إما يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه. وأوضح أن وصفة الدواء للأسر للانطلاقة بروح إيجابية لما تبقى من أيام في رمضان المبارك، يتمثل في الالتقاء والاجتماع والتحدث والابتسامة وشيئا من التعليقات فهنا تقترب القلوب. كيف يجدد الإنسان حياته مع رمضان؟ تجديد الحياة يحتاج إلى قوة في صنع القرار، والأقوى منه أن تعمل به بعد صنعه، فمن وجهة نظري أن هذا الأمر هو واقع بين الإنسان وبين رمضان، فشهر رمضان هو من يعودنا على صنع القرارات القوية التي تجبر الإنسان العمل بها ومنها، كأن يمتنع مثلا عن الأكل والشرب في وقت كان يأكل فيه ويشرب بالأمس القريب، بمعنى أن كل واحد منا يستطيع بقوة ذاته وفهمه وإدراكه واتخاذ قراره أن يصدر مرسوما لنفسه بأن يبدأ بالتجديد في حياته ليشعر بعدها بالراحة الذاتية، والطمأنينة النفسية، فالنفس بطبعها تمل من مشاغل الحياة المتكررة يوميا، وعندما تمل ينعكس ذلك على ذاتها وأدائها، وعلى غيرها ما يجعل الحياة مملة وشاقة، ويكون العمل بها ليس له أي ثمرة أو حتى فائدة، ما يحبطها ويمنعها من التقدم والتجديد. كيف يستقبل المسلم رمضان بنفسية إيجابية؟ يتم ذلك من خلال طرح التفكير السلبي والبدء في التفكير الإيجابي وتكراره، وكثرة تمريره وإعادته مرة بعد مرة على الذهن بأن رمضان هو شهر خير، ونصرة للإسلام وللمسلمين، بل هو شهر تقارب وتسامح وإرسال تهنئة وتواصل لمن انقطعت عنهم كثيرا، هنا أجد أن الإيجابية في ذاتي قد زادت ونمت في رمضان، وإن حافظت عليها تواصلت معي حتى بعد رمضان، ليشمل الشهور كلها ولذا أقول إن التكرار الإيجابي يثبت الأمر به ويستقر ويستمر. انعكاس الأجواء الروحانية على الأسرة كيف يكون؟ من خلال التقارب بين أفراد الأسرة الواحدة، والتذكير بأهمية هذا الشهر وخيريته، فلدينا في هذا الشهر فرص كثيرة لأن تقترب الأسر من بعضها البعض، فمثلا على الإفطار أو السحور تتم أربعة أشياء الالتقاء والاجتماع والتحدث والابتسامة وشيئا من التعليقات فهنا تقترب القلوب، وتألف لبعضها ويرتوي عطشها وتأنس بفرحها، وتطمئن بقربها لبعضها وتظهر أجواء وتختفي أخرى، فهنا تنشط الأسرة ويتجدد روحها ويزيد لديها الأمل ويدخلها التفاؤل، بعدما كان مفقودا لتنتظر بشغف يوم غد الأجمل لتكمل مسيرة الأمس بالأنس. التحمل والصبر درسان للمسلمين في شهر الخيرات، ماذا عن إعانة الزوج لزوجته في هذه الأيام المباركة؟ أما عن إعانة الزوج لزوجته في رمضان وغيره فهو شعور وإحساس نابع منه بتعب زوجته، وعملها في المطبخ وما تبذله من جهد، فالجهد مضاعف إذا اجتمع معه الصوم، فالزوج المعين هو دليل تواضع، وقد فعله الحبيب المصطفى عليه الصلاة والسلام مع زوجاته، فليس بعيب ولا ينقص من هيبة الرجل ولا يطعن في رجولته؛ بل هي زيادة معرفة عن قرب بصبر المرأة وتحملها لكثرة الأعمال وتنوعها مما لا يطيقه الرجل، ولا يتحمله لذا يكسب أهم ميزة سبقته بها المرأة ألا وهي تعلم الصبر والانتظار. كيف يمكن تحقيق تربية الأبناء بالقدوة؟ الأبناء هم مرآة لآبائهم وأمهاتهم، فما يفعلوه تجده ينعكس تلقائيا على الأبناء دون فلترة لهذا الأمر منهم وإبعاد خطئه وتقديم صوابه، وذلك لأن الأبناء يثقون بآبائهم وأمهاتهم فيأخذون منهم كل صغيرة وكبيرة من خطأ وصواب دون الرجوع لمرجعية ليتم التأكد من خلالها من صحة تلك الأفعال من عدمها؛ لأنهم هم المرجعية الحقيقية للأبناء لأن القدوة لديهم هما الأب والأم بالدرجة الأولى، فالتوجيه والتربية تكون النسبة الأعلى من خلالهم يأتي بعدها ما يقدمونه لأبنائهم من نماذج يعتمدونها لأبنائهم كسيرة حياة النبي صلى الله عليه وسلم وحياة الصحابة والتابعين والعلماء وغيرهم، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه. ما كلمتك الأخيرة؟ أحب التفاؤل في الحياة والروح الإيجابية التي تنبض بقلب أخضر لتكسر مجاديف التشاؤم لتعطل كل من لديه روح انهزامية يريد من خلالها تحطيم تفاؤلنا؛ فالحياة روعة لا يدرك قيمتها إلا من عرف روعة الحياة .