«عايدني بنشيد ديني»، لغة ارتبطت بالأيام الأخيرة من رمضان، ومع إطلالة عيد الفطر المبارك، بعدما بات النشيد الإسلامي المائدة المفضلة لعدد من القنوات والفضائيات العربية خلال الشهر الكريم، ليمتد إلى محال الأشرطة والكاسيت، والأقراص المدمجة. ولم يعد مستغربا تحول هذه القنوات من عرض للكليبات الفاضحة، إلى أخرى ناصحة تقدم رسالة هادفة، فضلا عن القنوات الأخرى التي تقدمها كفواصل بين برامجها، وإن كانت القنوات المحافظة تستأثر بنصيب الأسد منها، مع عدم إغفال أن ذات النشيد واجه عددا من الصعوبات، بدءا من رفضه من قبل عدد من الشخصيات التي تمثل المؤسسة الدينية في السعودية، فقد سبق لمفتي المملكة أن أكد وفي أكثر من مناسبة، لرفضه لهذا النوع من المقاطع الصوتية، معتبرا إياه مجرد إحياء للظاهرة الصوفية، خاصة وأن الإعلام بكافة أشكاله يطير ويرحل تجاه الغناء أكثر منه تجاه النشيد. وحتى مع وجود أكثر من قناة إنشادية متخصصة، سواء أكانت للكبار أو حتى للأطفال، وما ثورة «طيور الجنة» التي اكتسحت في التأثير على الأطفال، كل هذه التقاطعات، تثير تساؤلا مهما، وهو هل أصبح الكليب الإنشادي أو النشيد الديني فارضا نفسه وبقوة في سماء الإعلام خاصة الإذاعي منه، الذي أصبح يتسابق من أجل ذلك؟ ربما سيكون الجمهور العربي على موعد مع فن لم يعرفوه جيدا، خاصة وأن المنتمين له، يرون فيه بديلا جيدا ومناسبا عن الغناء الذي يعتبر محرما عند كثير من علماء السعودية على أقل تقدير. تحول مطلوب في البداية اعتبر المنشد حامد الضبعان أن هذا التحول الجميل الذي تشهده هذه القنوات غير المحافظة خاصة في نهار رمضان، يعطي دلالة واضحة على أن المادة الفنية المحافظة لها قبول، ويمكن أن تكون بديلا ناجحا ومناسبا لكافة أفراد المجتمع، مشيرا إلى أن «الإنشاد الديني واجه صعوبات في بداية ظهوره، ولكن اليوم أصبح معروفا على نطاق واسع، وله جمهوره الكبير في كافة أرجاء العالم الإسلامي، ولعل الأعمال التي يقدمها المنشدون هي التي تتحدث عن نفسها، خاصة مع التهافت الكبير الذي نشهده للحصول على كليبات دينية بشكل حصري، وربما تحول بعض الإذاعات إلى تقديم النشيد بشكل يومي، بدلا عن الغناء يعد فرصة جميلة للتعريف بهذا اللون المهم، خاصة أن النشيد يعد من الأمور المتفق عليها عند الكثير من أبناء المجتمعات الإسلامية، بعكس الغناء الذي يجد ممانعة كبيرة، وعلى تحريمه كثير من العلماء». وحول المنافسة بين المجالين أكد الضبعان أن الحديث عن المنافسة أمر سابق لأوانه، ولا يمكن الحديث عنه الآن؛ لأن الظروف التاريخية التي وجد فيها كلا الفنين، يختلف عن الآخر، وبالتالي لا يمكن اعتبارهما متنافسين، إلا في كونهما فنيين، وإلا فالغناء بالتأكيد؛ لأن سبق الإنشاد وانتشاره أوسع، لكن النشيد الإسلامي خطا خطوات رائعة جدا، في محاولة رسم خط خاص به، وربما نرى تحول عدد من المغنيين إلى الإنشاد، كنوع من محاولة الاستفادة من الصوت بشكل لا يزيد من رصيد ذنوبه وآثامه، وبعيدا عن الخلافات الفقهية الواردة في هذا المجال. وتمنى الضبعان أن يكون هناك انتشار واسع للإنشاد الإسلامي، وهو يحاول أن يخطو خطوات واسعة في هذا المجال، وحول التعاون مع نجوم الغناء، أكد الضبعان أنه بصدد التعاون مع الفنان خالد عبدالرحمن، وسبق أن تعاون مع عدد من الشعراء الغنائيين، وعدد من الملحنين المعروفين، ولا يجد بأسا في التعاون معهم مادام أن الفائدة ستكون منصبة في خانة النشيد الإسلامي. طلب متزايد من جهة أخرى أكد المنتج محمد الأنصاري والمتخصص في إنتاج الأناشيد المصورة «الفيديو كليب» أن النشيد الإسلامي وصل إلى شرائح متعددة ومجتمعات متنوعة. الأنصاري الذي أنتج أكثر من عشرة كليبات دينية، يوضح أن الطلب على الكليبات الإنشادية يزيد وترتفع وتيرته مع قرب شهر رمضان المبارك، وأن القنوات الفضائية سواء المحافظ منها وغير المحافظ يحاول الاستئثار بأكبر قدر ممكن منها «وهناك بعض الكليبات نحرص على وجودها في قنوات بعينها بشكل حصري لمدة محددة، مقابل بعض الخدمات المتبادلة». وحول بعض الشروط أو الضوابط التي يفرضونها على القنوات، أوضح الأنصاري أنهم لا يفرقون كثيرا بين القنوات المحافظة أو غيرها في توفير نسخ من الفيديو كليب «بل قد يكون الأمر في صالحنا لو أصبح انتشار الكليب أكبر، وفي قنوات ربما لا يشاهدها سوى غير المحافظين من الجمهور، وهذا يوفر لنا جمهورا أوسع، ونحن نحاول أن نكون قريبين من المشاهد في أي قناة كانت». وحول حجم المنافسة بين الكليبات الهادفة وغيرها، لا يرى الأنصاري أن هناك مجالا للمنافسة على اعتبار أن المجالين مختلفين تماما، ولا توجد أهداف مشتركة بينهما، إلا لو كان الحديث عن الأمور الفنية «فكلا الخطين يبدع ويحاول استخدام التقنية بشكل مناسب، بل يتخطى هذا إلى محاولة المنافسة على تقديم الأفكار المثيرة والرائعة، والتي تحكي قصص هذه المقاطع المصورة». وختم الأنصاري حديثه بضرورة الاهتمام بالفن الإسلامي، خاصة وأنه أصبح أحد الفنون الرائدة والجميلة، والدليل هو غزوها للقنوات العربية، حتى الغنائية منها «وأصبح من الطبيعي أن ترى قناة غنائية وقد تحولت إلى عرض الكليبات المحافظة في نهار رمضان، ونتمنى لو أكملوا ذلك، وعرضوها على مدار العام، خاصة وأنها لا تقل عنها قوة وجمالا» .