لا أفهم السياسة وأمقتها بشدة لكن الذي يحدث على الساحة العربية بات مفهوما من الجميع، ففي ليبيا نظام معمر القذافي انهار، ومعه الشعارات الفوضوية التي أضحك العالم منها وكانت نكتا تقال في المجالس، ومنها الكلمات الساخرة التي أطلقها في حق صدام حسين عندما قال: يسمح للمفتشين الدوليين بدخول غرفة ساجدة «زوجة صدام»، «اخس» على الرجولة، جميعها سقطت على رأسه ليواجه بعد زمن مصيرا مشابها، وهنا تكمن المفارقة العجيبة لنهاية معمر القذافي. الثورات الكبيرة سببها آلام وهموم ضخمة تملأ قلوب الضعفاء وكانت حيلتهم الوحيدة الصمت أو الموت، لكن بدأت رواية الدماء الحرة عندما أهين بائع الخضار لأنه مواطن بائس لا صوت له ولا كلمة فأنهى حياته لتكون روحه صوتا لكل من لا صوت له عندها خرجت تلك الأمم الثائرة تريد التغيير، وقد اختارت الموت في سبيل سماع صوتها، من أحداث هذه الرواية مشاهدة جنود الجيش السوري الذين عذبوا طفلا في الثالثة عشرة من عمره حتى مات! «جيش المقاومة ضد إسرائيل»، والجنود الليبيون الذين استمروا بركل رجل مسن وهو مستسلم ومتألم بين أقدامهم، وموت 40 رضيعا عندما تم قطع الكهرباء في سورية، لك أن تسأل ما هي جريمة هؤلاء الضحايا؟! ولن تجد جوابا شافيا. لنلق نظرة للوراء البعيد حيث كان الخليفة أبو بكر – رضي الله عنه - يكنس وينظف بيت إحدى الفقيرات ويحلب لها شاتها.. وعندما أوصى جنوده الذاهبين للحرب بألا يقلعوا شجرة ولا يروعوا مسنا ولا أعزل! هذه وظيفة الحاكم وهذه مهمة الجيش، لنلق نظرة للماضي بشكل أبعد عندما جذب الإعرابي رسول الله حتى بانت آثارها في رقبته عليه الصلاة والسلام، لكن الرسول اكتفى بالتبسم وأعطاه ما أراد، عندما دخل الرسول عليه الصلاة والسلام مكة فاتحا ومنتصرا لكنه كان مطأطئا رأسه! عندما قال وبشكل مباشر «اذهبوا فأنتم الطلقاء» لمن أهانه ووقف في طريقه وأراد قتله وعذب أصحابه! اليوم انقلبت الموازين وبات الجيش الذي يحمي الشعب يقتله، والحاكم يعتقد أنه يتفضل على شعبه بالعطاء وبقاء أفراده أحياء.. لذلك يتم إطلاق تلك الرصاصات والقنابل المجنونة ليذهب ضحيتها أطفال لا يفهمون ما هو خطؤهم، استشهد شباب كنا ننتظر منهم مستقبلا أفضل للوطن العربي، ويرحل في كل يوم جموع من الرضع والأطفال والنساء والرجال.. فقط للحفاظ على الكرسي! آمل أن تكون نهاية هذه الرواية المروعة عالما عربيا أفضل..