ما زلت عند قولي إننا ما زلنا نمارس أفعالا تعسفية ضد «المعدة» تلك التي يفترض أن تستمتع بساعات عمل أقل في شهر رمضان بعد11 شهرا من العمل المتواصل في هضم ما يمكن هضمه وما نجبرها على هضمه طوال ساعات اليوم، ها نحن اليوم لا نمنحها راحة كافية بتقليص ساعات عملها، فكل ما يحصل فقط أننا نغير من تكتيكنا الغذائي فقط فور سماعنا لجملة «بيان من مجلس القضاء الأعلى» فنتوقف عن الأكل إجباريا ما دامت الشمس تدغدغ كبد السماء! إلا أنه وفور اشتباهنا بسماع صوت يشبه صوت المدفع، فإن المعدة المسكينة ستفاجأ بالكميات المهولة والقاطرات الغذائية التي ستباغتها من كل حدب وصوب «سمك لبن تمر هندي»! ما يدفعها للتوقف عن العمل لأسباب تعود إلى سوء الاستخدام والحمولة الزائدة! فنقضي بقية يومنا ذاك في التهام كل الأدوية التي نظنها ستحل المشكلة! وكأننا أيها السادة ننتقم من ساعات صومنا النهارية بالتحلق ليلا حول مائدة ينتهي آخر شبر منها في الغرفة المجاورة! تحتوي على أكثر من خمسة أنواع من «المعجنات» وأربعة أشكال من «الحلويات» وثلاثة أصناف من «المشروبات»! ما يستدعي وضع خطة عمل متكاملة تضمن المرور على كل الأشكال السابقة! وما إن ينقشع غبار تلك المعركة حتى نصبح بحاجة إلى مختص في مجال الإسعافات الأولية لمساعدتنا في عملية التنفس! تلك المائدة الممتلئة التي ستراها يوميا مهما تغير الزمان أو المكان كافية جدا لجعل مؤشر الميزان يقفز إلى أعلى مستوياته عند بعض الأشخاص! إلا أنه سيتوقف عن العمل عندما يداعبه أشخاص آخرون، ما يؤهلنا لتوديع شهرنا الكريم بأجساد تتراوح أشكالها ما بين المستدير والبيضاوي! بقي أن أذكر أن نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم يقول: «ما ملأ آدمي وعاء شرا من بطنه، بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه، فإن كان لا بد فاعلا، فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه»!