انطلق عشرات الآلاف من الشباب الإسبان «الساخطين الغاضبين» في مسيرة سلمية من مدريد سيرا على الأقدام باتجاه مقر الاتحاد الأوروبي في العاصمة البلجيكية بروكسل، 28 يوليو الماضي، في موجة احتجاج متزايد ضد آثار الأزمة الاقتصادية وسياسات التكيف التي تطبقها حكومات بلادهم، ولعرض مطالب الشعب الإسباني على البرلمان الأوروبي ومساندة مطالب الشعوب في البلدان المجاورة. وقال ناطقون باسم المشاركين إن المسيرة التي انطلقت من ساحة «بويرتا ديل سول» المركزية في مدريد ستصل إلى بروكسل بحلول الثامن من أكتوبر المقبل، أي قبل أسبوع من انطلاق مظاهرات الاحتجاج العالمية التي دعت إلى تنظيمها حركة «الديمقراطية الحقيقية الآن» في مختلف أرجاء الأرض، مشيرين إلى أن مؤيدي «حركة 15 مايو»، التي نشأت قبل أكثر من شهرين في 52 بلدة ومدينة إسبانية، سينضمون إليهم في مختلف المدن والقرى التي سيتوقفون فيها خلال مسيرتهم بدعوة نشرت على صفحات «فيس بوك» و«تويتر» ولقيت صدى واسعا في مختلف المناطق وإقبالا متزايدا من المواطنين؛ تعبيرا عن سخط وغضب الشعب على الوضع في إسبانيا والمطالبة بتغيير النظام السياسي والاقتصادي. ويتوقع أن يصل المتظاهرون إلى العاصمة الفرنسية باريس في 17 سبتمبر المقبل حيث سيجتمعون ب «الغاضبين» الوافدين من الدول الأوروبية المجاورة مثل اليونان وإيطاليا وألمانيا لمتابعة المسيرة معا إلى بروكسل. وتهدف المسيرة إلى إحياء التنديد بالأوضاع التي تعيشها إسبانيا وغيرها من الدول فضلا عن المطالبة باتخاذ تغييرات جذرية في الأنظمة السياسية وقرارات من شأنها تحسين ظروف معيشة المواطنين وتوفير وظائف عمل للشباب. وكانت مسيرات حاشدة من المتظاهرين التقت في مدريد قادمة من مختلف أنحاء إسبانيا حيث قطع «الغاضبون» آلاف الكيلومترات سيرا على الأقدام خلال شهر كامل احتجاجا على السياسات السائدة في البلاد، فيما عمت المظاهرات الشعبية شوارع مدريد وأحياءها لمواصلة الاحتجاجات. وقد انطلقت هذه المسيرات الشعبية السلمية قبل شهرين، حيث توقف خلالها «الغاضبون» في كل قرية وبلدة ومدينة، للاستماع إلى مطالب المواطنين، وتعبئتهم سياسيا. وكان العالم جوزيف ستيجلتز الحائز على جائزة نوبل في العلوم الاقتصادية عام 2001 انضم إلى صفوف المتظاهرين في إحدى حدائق مدريد في إشارة إلى تعاطفه ومساندته ل «حركة 15 مايو» معتبرا أنها تمثل فرصة لدفع الاقتصاد إلى تبني مزيد من السياسات والتدابير الاجتماعية. وتعليقا على حملة التعبئة هذه، نشرت مجلة التحالف الكندية «آدبسترز» تصريح الأكاديمي الإسباني ريموندو فيجو أن «الحركة المناهضة للعولمة كانت الخطوة الأولى لمهاجمة النظام السائد الذي تسيطر عليه مجموعة من الذئاب». وأضاف أن الوضع قد تغير، فقد أصبحنا الآن حشدا كبيرا من الناس. وطالبت المجلة في تقريرها الرئيس الأمريكي باراك أوباما تشكيل لجنة من حكومته لوضع حد لنفوذ القطاع المالي علي السياسيين. واقترحت أيضا أن تتخذ الإدارة خطوات لتفكيك ما لا يقل عن نصف عدد القواعد العسكرية الأمريكية في جميع أنحاء العالم. لكن «حركة 15 مايو» الإسبانية تتعرض إلى قضايا أخرى تعتبرها الصحافة الدولية قليلة الشأن رغم تأثيرها القوي علي البلاد، مثل مصادرة ممتلكات المواطنين العاجزين عن سداد القروض العقارية. وهذه العملية تسمح أيضا للدائنين بإقامة الدعاوى ضد المديونين لتحصيل ما تبقى من أقساط هذه القروض، إضافة إلى مصادرة ممتلكاتهم. ولقد نجحت الاحتجاجات الغاضبة ضد هذه الممارسة في وقف العديد من هذه الحالات والحيلولة بالتالي دون طرد الأسر ذات الدخل المنخفض من ديارهم. لكن عمليات المصادرة والدعاوى لا تزال مستمرة يوميا .