إذا تم حصر عضوية النادي الأدبي فيمن يحمل شهادة جامعية في اللغة العربية، فإننا بهذا الشرط سنستفيد فائدة عظيمة هي إبعاد المتطفلين على الأدب والثقافة من أصحاب تخصصات الشريعة وأصول الدين والدعوة والإعلام الذين حتما سيفسدون هذه المؤسسة الأدبية عبر تحويلها إلى «مركز دعوة» جديد، فيكونون بذلك قد قتلوا «الرسالة الأدبية» التي جعل النادي من أجلها، هكذا قال لي. قلت له: ولكن إذا تم ذلك، فإنك تكون قد حيدت الكثرة الكثيرة من الأدباء والمثقفين وأصحاب الصنعة الأدبية، من الأطباء والمهندسين والقانونيين والشرعيين والمعلمين وكل «متأدب» خارج «الدائرة الضيقة» التي حصرتها بحاملي شهادة اللغة العربية والآداب، كما أنك تكون قد شجعت كل «متطفل» حقيقي على الثقافة والأدب واللغة للدخول في أروقة النادي الأدبي لمجرد أنه خريج كلية معلمين قسم «لغة عربية». قال: أنت لا تفهم ما الذي يدور فعلا، في الحقيقة أن الأدباء الحقيقيين من كل الاختصاصات والمعارف، غير ممنوعين من ولوج النادي والاستفادة والإفادة منه، وعقد الندوات والمحاضرات، ونشر الكتب والمؤلفات، كل ما هنالك هو «وضع قيود» حول «الإدارة» لحمايتها، وللحيلولة دون اختطافها من قبل المتشددين والأصوليين، لأن ذلك لو تم لأصبح من الصعب جدا استرجاعها، تأكد أن هذا الأمر هو للمصلحة العامة. قلت: أتفهم جيدا «مخاوفك» وأعي حقيقة الهدف النبيل من وراء هذا «الفلتر» الذي أردتموه «حماية» لرسالة النادي الأدبي السامية، وصيانة لدوره الثقافي والتنويري الكبير، ولكن يا سيدي: النادي الأدبي مؤسسة وطنية، وضعت كي يتفاعل معها الجميع، ويشارك فيها الجميع، والإسلاميون والمتشددون والأصوليون وأصحاب التخصصات الدينية لا يملكون فعلا حق «اختطاف» النادي الأدبي، ومن ثم تحويله إلى مركز للدعوة والإرشاد، ولكن – وضع مئة خط – تحت كلمة لكن، لا يحق لك أنت «أيضا» اختطاف النادي الأدبي، ووضع شروط إقصائية تحت حجة المصلحة العامة، فالمصلحة العامة مهمة «تشاركية» يجب أن يشترك فيها الجميع، وليست مهمتك أنت «وحدك»، فهذه -أيضا- وصاية مرفوضة.