دفع المتهم الأول في التنظيم السري ال16 ببطلان تصنيفه إرهابيا، مستندا إلى ما اعتبره تزكية في صورة خطاب، لم يتأكد من صحته، من أحد العلماء المشهود لهم الذي يتبوأ مكانة وظيفية بارزة في أحد التجمعات الإسلامية، يفيد بدعوته للانضمام إلى مؤسسي مشروع مركز معلومات يعمل على جمع المعلومات وتحليلها وإعادة صياغتها، وبثها عبر وسائل الإعلام والنشر بما يخدم المسلمين معرفيا وإعلاميا. واعتبر المتهم أمام المحكمة الجزائية في جلستها التاسعة والعشرين التي عقدتها، أمس، أن «الخطاب يثبت تزكية فكري، وأنني لست من أصحاب الفكر الإرهابي»، مشيرا إلى أن صاحب الفضيلة المعني «هو شخص يعرفني». وقدم المتهم في خلية ال16 المتهمة بجمع التبرعات بطرق غير نظامية وتهريب الأموال وإيصالها إلى جهة مشبوهة توظفها في التغرير بأبناء الوطن وجرهم إلى الأماكن المضطربة، ثلاثة خطابات زعم أنها أدلة للدفاع عنه، من بينها خطاب موجه من وزير داخلية إحدى الدول المجاورة، إلى إحدى الجمعيات التي زعم المتهم مسؤوليته عنها، ومؤرخ في 27/6/2003م، جاء فيه السماح له بالعمل داخل أراضي الدولة المجاورة، لفترة مؤقتة لتقديم المساعدات الإنسانية لحين انتهاء الأزمة، شريطة التزامكم بالقوانين والأنظمة والتعليمات النافذة، مضيفا «هذا الخطاب الصادر يؤكد أن عملي ليس سريا، وأنني طلبت الترخيص وحصلت عليه، وكان تحت إشراف الجهات الأمنية في «...»، فكيف أكون إرهابيا»، وهو الأمر الذي رد عليه المدعي العام، واعتبره في رده لاحقا على تلك الخطابات أن «المتهم الأول حرص على الحصول على تصاريح في دول أجنبية في حين أن بلده لم يحصل منه على تصريح». وتضمن الخطاب الثالث الموجه لإحدى القنوات الفضائية الخليجية، أربع ورقات، ويحتوي على نبذة مختصرة عن مشروع برنامج تلفزيوني تحت اسم «مشروع الجيل»، اعتبره المتهم إثباتا أن مشروع الجيل مشروع للتدريب الإداري والفني في العلوم الإنسانية، مضيفا أنه مرخص من بريطانيا. دستور جديد وكانت المحكمة الجزائية قد عقدت الجلسة التاسعة والعشرين بحضور المتهم السادس والمتهم الثامن في القضية بالإضافة إلي المتهمين الأول «زعيم التنظيم»، والعاشر الذين أتى دورهم بعد صلاة الظهر، حيث بدأت الجلسة في التاسعة والنصف صباحا بحضور المتهمين السادس والثامن في خلية «استراحة التنظيم السري». وعرض القاضي على المتهم السادس وهو أستاذ جامعي، تهمة حضوره أحد الاجتماعات التي تهتم بالتخطيط لإنشاء إعداد دستور جديد للبلاد بدلا من الدستور الحالي وهو القرآن والسنة، واستعرض إقرار المتهم ببطلان كافة الأدلة التي قدمها المدعي العام ضده، الذي رد على القاضي بأنه حضر الاجتماع الثالث فقط، وكان حضوره لمدة 45 دقيقة فقط «وكان حضوري بعد إلحاح من أحد المتهمين في القضية، وذلك بهدف إنشاء مؤسسات مجتمع مدني هدفها الإصلاح، وكنت أبحث عن إنشاء جمعية حقوق إنسان غير الموجودة حاليا، وحضرت الجلسة وشاهدت عرضا مرئيا عبر البروجكتر». عندها بادره القاضي بالسؤال «هل وكلك المجتمع لإقامة هذه المؤسسات؟»، ليرد المتهم «إنني لا أحتاج للتوكيل، فهذا أمر يهتم به الجميع، والحيوانات تهتم أيضا بالشأن العام». وسارع المتهم السادس بالإشارة إلى أنه إنسان مريض ويعاني من مرض مزمن وهو السكر، مؤكدا أنه يدفع ببطلان كافة الأدلة التي قدمها المدعي العام، لأنها أخذت بالإكراه والسجن كونه مريضا، وأنها مخالفة للأنظمة. عندها عرض القاضي ما ذكره المتهم رقم 6 على المدعي العام، الذي أجاب بأن الأصل في إجراءات التحقيق السلامة، وأن توقيف المتهم إجراء مشروع، ولا يمكن اعتباره وسيلة إكراه أو ضغط، معربا عن استعداده لإحضار شهود الإثبات في الجلسة المقبلة، مطالبا بأن يكون الوقت كافيا لإحضارهم. جرعة دواء بعد ذلك طلب المتهم السادس من القاضي السماح له بتناول ساندويتش كان بحوزته، بسبب حلول موعد تناوله دواء السكري الذي يعاني منه، الأمر الذي وجد ترحيبا فوريا من القاضي، حيث علق الجلسة، إلى حين فراغ المتهم من تناول غدائه وأخذ جرعة دوائه، ليخرج المتهم لمدة 20 دقيقة، يعود ويقدم شكره للقاضي، الذي استأنف الجلسة على الفور. بما يرضي الله وبعد استئناف الجلسة، تمت مناقشة المتهم الثامن في رده المقدم حول أدلة المدعي العام حيث جاء الرد في 44 صفحة، وقال المتهم إن ردوده هذه جزئية وليست كلية وذلك لأنه لم يحصل على حقه في الاطلاع على كافة محاضر التحقيق، حيث بدأ النقاش بينه وبين القاضي يأخذ طابع الشد والجذب. وأبلغه القاضي بأنه «تم تمكينك من الاطلاع على كافة الأوراق التي تخصك في القضية، ومنحت صورة من لائحة الدعوى وصورة من لائحة الأدلة»، إلا أن المتهم طلب الاطلاع على ملفات التحقيق بوجود محام، فرد عليه القاضي «إنني أسمح لك الآن بالاطلاع عليها لمدة ساعة أو حتى نهاية الجلسة»، لكن المتهم رفض ذلك وطلب مراجعتها مع المحامي «الذي لم يتمكن أيضا من الحصول عليه». عندها قال القاضي «لقد سمحت لك المحكمة حسب الأنظمة البحث عن محام بدلا من المحامي المطرود، وتم منحك مهلة لمدة 15 يوما، ولكنني بوصفي قاضيا لن أسمح لك بتعطيل القضية بسبب أنك لم تجد محاميا يدافع عنك». وأخرج القاضي رد المتهم الثامن، مضيفا «أليس هذا هو ردك، ألم يكن على نفس الأوراق الخاصة بالمحامي المطرود من قبل المحكمة بعد إساءته للأدب في قاعة المحكمة، ومع ذلك قبلت المحكمة بذلك تسهيلا لإجراءات المتهمين»، عندها سكت المتهم وقال «أشكر فضيلتك على تعاونك معنا». وزاد القاضي في حديثه «أي دليل يقدمه المدعي العام عليه أن يثبت صحته، ولن يتم نسب أي تهمة لك إلا ويكون لك الحق في الرد عليها، وما ورد في لائحة الدعوى هو ما أنت متهم فيه، وإذا صدر حكم من المحكمة ضدك واستند الحكم على دليل لم يعرض أمامك، ولم تناقشك فيه المحكمة فلك الحق في الاعتراض، وأنت على حق في الاعتراض، والمحكمة لن تحث المدعي العام على إثبات التهم ضدك فحاشى وكلا، وهم مسؤولون عن إيراد الشهود والأدلة وإثبات التهم، وأنت لك الحق في الدفاع عن نفسك، وعندها سيكون حكمنا بما يرضي الله أولا وأخيرا». بلا ضرب بعد ذلك عرض القاضي دفوعات المتهم الثامن على المدعي العام، الذي جاء فيها رده «ببطلان ما نسب إليه، وبطلان الإقرار، وذلك بعدم تحقيق شروط الإقرار شرعا، وإن الإقرار أخذ منه بالإكراه، وإن الإقرارات صيغت من قبل المحققين، وأخذ ببعضها وترك البعض، ومخالفة التحقيق للإجراءات النظامية، ومطالبته بإحضار الشهود». فرد المدعي أن التحقيقات أجريت حسب النظام والأصل فيها السلامة، مطالبا المتهم أن يثبت دعوى الإكراه التي يدعي أنها مورست ضده، وأساليب الإكراه لانتزاع الاعترافات والإقرارات منه. فرد المتهم بأن «الإكراه الذي مورس في حقي هو سجني في زنزانة وترك الإضاءة تعمل طوال الليل، وقوة التبريد، وعدم وجود فراش أنام عليه، والنظافة العامة، واستدعائي للتحقيق أثناء نومي ويكون ذلك قبيل الفجر بساعات قليلة، وترديد نفس الطلبات من قبل المحققين حتى أسجل ما يقوله المحقق، ولو كان الإعدام لمحاولة التخلص من الأذى، ومن ضمن هذه الحالات عندما حقق معي حول الشرائح التي كانت تعرض في استراحة «...» تابعة لأحد المتهمين، فقلت له لا أتذكر فحوى هذه الشرائح، فقدم لي أوراقا مكتوبة بخط اليد، وقال لي هذا ما ورد في الشرائح وصدقته وقمت بكتابتها في محاضر التحقيق نقلا من هذه الأوراق، وأنا لا أعلم ما بها في الأساس». إلا أن المتهم الثامن اعترف بأن جهات التحقيق لم تمارس معه الضرب أثناء التحقيق، وهو الاعتراف الذي أدلى به أيضا المتهم السادس. عنده قال له القاضي «وهل الإقرارات التي لم تعترض عليها صحيحة؟ فرد المتهم إنها صحيحة، ولكن إجراءاتها باطلة». ورفع القاضي الجلسة لأداء صلاة الظهر، وبعد الجلسة حضر كل من زعيم التنظيم المتهم الأول في القضية، والمتهم العاشر، حيث ناقش القاضي المتهم العاشر في بعض اعترافاته ولائحة الدفاع التي قدمها، فقال له القاضي «إنك قلت في اعترافاتك إنك علمت من ابن المتهم الأول وزوجاته أنه أوصاهم بنشر شريط التسجيل الذي سجله تحت اسم هذه قصتي»، فقال المتهم إن هذا الكلام صحيح، وإنني تراجعت عن هذا الكلام، لأنني قلت هذا الكلام من باب التبرير لما فعلته أمام المحققين، ولكني تراجعت الآن من أجل أن الشهادة أمانة، ليرد عليه القاضي إن المتهم الأول يقول إنه لا يعلم بالتسجيل في هذا العالم أي أحد سواه فكيف حصلت عليه؟ فقال المتهم العاشر إنه حصل عليه من داخل هارديسك للمتهم الأول كان بحوزة شخص آخر «ونسخته وأعدت الهارديسك لنفس الشخص»، وكان المتهم قال في اعترافاته إنه كان سيقدم هذا الشريط التسجيلي لقناة الجزيرة الفضائية. هذا وقدم المتهم العاشر مذكرة جوابية إلحاقية على أدلة المدعي العام، طالبا من القاضي إلحاقها بمذكرته السابقة، وأمر القاضي بضبطها ضمن محاضر القضية. عداء ضد الإعلاميين في نفس الوقت واصل زعيم التنظيم المتهم الأول في القضية عداءه الشديد ضد الإعلاميين الحاضرين في القاعة ووصفهم بالكذابين والملفقين، وكان يحمل في يده إحدى الصحف، زاعما أنها شهرت باسمه واسم عائلته، وقالت عنه الكثير من التهم التي لا دخل له فيها. وأفهمه القاضي أن هناك جهات معنية خاصة بالإعلام بإمكانه أن يتوجه لها بشكوى حسب ما يرى، مضيفا «إنكم أنتم أول من طالب بعلنية الجلسات، وإنكم أصررتم على ذلك»، فرد المتهم الأول بقوله «نعم، طالبنا بذلك، ولكن يجب أن نكون نحن من يختار الإعلاميين الشرفاء» حسب وصفه. وطلب المتهم الأول من القاضي تسجيل رد له في محاضر القضية ورد فيه «إنني أمتنع في الاستمرار في الترافع لعدم وجود محام معي، وعدم تمكني من البحث عن محام لا بشكل مباشر ولا عن طريق الاتصال الهاتفي، وأطالب بإخراجي بكفالة أسوة بزملائي، وبالاتصال الهاتفي حتى أجد من يقبل الترافع عني، كما أكتفي بما أدلى به المتهمون في القضية الذين اعتبروا شهودا ضدي، لأنه ثبت لدي كذب وافتراء وتلفيق المدعي العام، وإن شهاداتهم أخذت بالإكراه والتهديد، وأرجو قبول دفعي في شهادتهم شكلا وموضوعا، وأكتفي بالردود السابقة المجمل منها والمفصل». عندها أوضح له القاضي أن «المعني بالمرافعة في مثل هذه القضايا هو أنت، والنظام وضع لك الحق في الاستعانة بالمحامي وإن عدم وجود محام لا يجعل لك الحق في الامتناع عن الاستمرار في المرافعة، وإنه إذا حضر محام فالمحكمة ستقبله في أي وقت، حتى انتهاء القضية واكتساب الحكم القطعية فإن المحكمة حينها سوف تجري الإيجاب الشرعي عند عدم جواب المدعى عليه حسب ما قرره العلماء رحمهم الله في باب القضاء، والمحكمة سوف تكلف مندوبا للتأكد من صدق كلام المتهم الأول في عدم السماح له بالاتصال بالمحامين، وذلك قطعا للجدال». بعدها رفعت الجلسة على أن تعاود الانعقاد في موعد جديد يحدد لاحقا