لم تتوقع مجموعة من المحترفات في فن التصوير الفوتوجرافي أن حماية عدساتهن من الأتربة والغبار، لن يحفظ لهن لقمة العيش التي يحاولن الحصول عليها من وراء امتهان مهنة التصوير. إذ بات عليهن تعلم فنون القتال والدفاع عن النفس، وأبجديات حماية الأرواح، من مداهنات لا تحسب عقباها. هن يقلن إن سعودة المهنة باتت أشبه بالخيال، ووزارة العمل التي سارعت «شمس» بإخطارها هاتفيا عبر اتصال مع المتحدث الرسمي لها وبرسالة عبر هاتفه المحمول، لم تشأ أن ترد نفيا أو إيجابا على صحة الادعاءات بغياب السعودة، ومن أرادت منهن حماية مصدر رزقها من اعتداءات الوافدة فعليها تعلم فنون الرماية والتايكوندو وحتى الكونغ فو -من أبرز رياضات الدفاع عن النفس. ولأنهن من الجنس الناعم، سارعت مجموعة من المصورات السعوديات، بتوجيه خطاب إلى وزارة العمل، آملات في سرعة العمل على سعودة المهنة وقصرها على السعوديات اللاتي يعملن في مجال التصوير الفوتوجرافي، وأن يسمح لهن بالعمل من منازلهن أسوة ببعض الوظائف التي ينادى بها في ضرورة توفير عمل للمرأة من منزلها. كما حمل الخطاب معاناة بعض المصورات مما يتعرضن له في الميدان من قبل المصورات من الجنسيات الأخرى، تصل في بعض الأحيان إلى التعدي بالضرب كما حدث مع إحدى مصورات منطقة الشرقية في أحد قصور الأفراح في محافظة الخبر. سر الاستنجاد تعترف المصورة السعودية نوف أم حمد أن ما دفع المصورات السعوديات إلى تقديم خطاب إلى وزارة العمل هو المعاناة «التي نشاهدها صباح مساء من المصورات من الجنسيات الأخرى حيث يمارسن علينا نوعا من أنواع اللوبي الأجنبي، وأعرف العديد من الزميلات تركن المهنة وبقين في المنازل دون عمل، خاصة أن المصورات الأجنبيات يمتعضن إذا شاهدن سعودية تعمل مصورة، وتحاول بشتى الطرق أن تبعدها من الميدان ولو وصل الأمر إلى تشويه السمعة». كما طالبت المصورة إيمان البكر من وزارة الثقافة والإعلام بإعطاء التصاريح والتنسيق مع البلدية بعدم السماح لأي سيدة غير سعودية بالعمل في مهنة التصوير، وسن الأنظمة التي تهيئ العمل المناسب للمرأة السعودية وقالت إن على الجهات النظر في أمرنا وواقعنا بتأمل». وأرجعت سبب رفض المصورات الوافدات إلى أن «مدينة القطيف مكتفية ذاتيا من بنات المدينة، فيما منطقة الشرقية محتكرة على فئة معينة من المصورات من جنسية عربية، ويعملن بشكل منظم في سبيل إبعادنا من المهنة، ولو وصل الأمر إلى الضرب عوضا عن الكلمات الجارحة التي نسمعها في المناسبات وإحراجنا أمام الحضور، وشخصيا حدث لي موقف، حيث كنت في زواج أقوم بعملي مصورة، وكانت هناك مصورة من جنسية عربية في نفس الزواج، ولما اكتشفت أنني سعودية بدأت في الصراخ ورفع صوتها بالسؤال عن الشخص الذي طلب مني الحضور، وسارعت في إحضار أم العروس تستفسر منها عمن سمح لي بالحضور، حيث كان هناك عرسان، وكل عروسة معها مصورة، وللأسف المصورة الأجنبية لم تتعرض للمصورة الأخرى حيث إنها من نفس جنسيتها، بل تعرضت لي برفع الصوت وعند انتهاء الزواج وخروجي من صالة الزواج تفاجأت بشخص وافد يرتدي الثوب السعودي يحمل معداتي ويدخلها في سيارته، وعندما بدأت في الحديث معه بهدوء واحترام، على اعتبار الخطأ في تحميل معداتي، فوجئت بصراخه أيضا، وبدأ يهدد ويشتم ويتوعد بالضرب أمام جمع من الرجال الذين لم يحركوا ساكنا، فيما أنا في حالة ذهول غير مستوعبة ما يحدث، فيما لفت انتباهي وجود المصورة الأجنبية في سيارته، وهي تهددني من خلال النافذة بالضرب وتلوح لي بحذاء، عندها استوعبت أنه أحد أقاربها، الذي لم يتورع بالقول إنه لو رآني مرة أخرى سيعتدي علي بالضرب بالحذاء». وأضافت أنه «من خلال ملاحظاتي وبحثي عرفت أن الأخوات الوافدات من جنسية معينة يكثر تواجدهن في محال كوشات الأفراح، حيث يعملن في التصوير الفوتوجرافي والفيديو والديجيه وزينة الطاولات والكوشات، وفي إمكان كل واحدة منهن التعامل مع عروستين في نفس التوقيت، ولو كانتا في صالتين مختلفتين، حيث تأتي للصالة الأولى وتضع الخلفية والفلاشات، وتستعين بأخرى من بنات جلدها، وتذهب إلى الصالة الثانية وتضع خلفية وفلاشات وتظل على اتصال بين الصالتين، وما أن تنتهي من الأولى حتى تنتقل للأخرى، أو تقوم بالعمل على الديجيه واستئجار أخرى لتأخذ الصور للعروسة، ثم تستلم الصور للوافدة مقابل 300 ريال، ثم تذهب المصورة لاستديوهات الرجال لينجزها الموظف مقابل مبلغ من المال، وربما جعلت ابنها يعمل على الصور، أو تتفق مع أحد الشباب المتقن لبرنامج الفتوشوب ليعمل عليها». وترى إيمان أن التعامل مع الصور النسائية يتم من خلال استديوهات رجالية، مستشهدة برواية من إحدى الفتيات السيدات الموثوق فيهن، التي دخلت لاستديو رجالي ومعها ابنها تريد تصويره للمدرسة، وفوجئت بعمل الموظف على صور نساء، كما حدثتها أخرى أنها راجعت إحدى الوافدات لتأجير زينة للطاولات، وعندما دخلت إلى صالون الاستقبال في منزلها، وجدت شابا عرفته بأنه نجل أختها يعمل على الكمبيوتر في إعداد صور نسائية، لإحدى الأفراح، وأظهرت لها براعته، على أمل استقطابها لأي فرح آخر». مخالفات قانونية وأشارت المصورة هدى إلى أن المصورات الوافدات يمارسن العديد من المخالفات الشرعية والقانونية «أخبرتني إحدى زبوناتي حينما اتصلت علي تطلب تصوير إحدى المناسبات، أنها سألت وافدا يعمل في مجال كوشات الصالات عن مصورة، فنصحها ألا تتعامل مع وافدات من جنسيته، لأنهن غير أمينات على الصور، ولا توجد أي رقابة على محال الاستديو الخارجية، أو في أغلب الأحيان يعمل الرجل على منتجة صور النساء في منزله». فيما تشير إلى أن أغلب السعوديات يعملن بأمانة في هذه المهنة، لأنهن يعرفن طبيعة تقاليدهن المجتمعية، التي تلزمهن بحماية العميلات، ولا يمكن لأحد التجرؤ والطلب من المصورة عمل مونتاج للفيلم في استديوهات رجالية، كما لا يمكن السماح للزبائن بمشاهدة صور الأخريات، ولا يتم تسلم الصور إلا بتسليم سند القبض حفظا لعرض الفتيات والسيدات اللاتي تم تصويرهن، ولا نقبل إرسال الصور مع سائق أو عاملة، ومن تتسلم الصور عليها أن تعرف أن لها مدة أسبوعين لنسخ الصور، وفي حال التأخر يتم مسح الفيلم نهائيا، منعا لتسربه بأي خطأ». قصة تصريح وتروي مصورة سعودية أخرى تدعى رهف قصتها مع طلب التصريح إليها بالعمل رسميا في مهنة التصوير، حيث: «رفعت طلبا لوزارة الثقافة والإعلام، لفتح استديو نسائي، وبعد شهرين أتت الموافقة على فتح محل، ولكن فوجئت بارتفاع أسعار المحال، بالإضافة لشروط البلدية، ودرست الموضوع من ناحية جلوسي للعمل في الاستديو على صور الزبائن، وهو أمر لا يجدي ولا يمكن الخروج من المنزل يوميا وترك الصور في المحل معرضة لأي خطر بفقدانها، حيث إنها أمانة، وفي ذلك هدر للوقت والطاقة، لذا نطالب وزارة الثقافة والإعلام باستخراج تصاريح للسعوديات بالعمل في التصوير الفوتوجرافي من المنزل بعد التقصي والبحث عن مقدمة الطلب وخضوعها لقوانين الوزارة»