ظل الأمين العام للجامعة العربية السابق عمرو موسى يطالب بإعادة النظر في ترتيب العملية الديمقراطية في مصر بصفته أحد المرشحين لرئاسة بلاده، وأن تتم الانتخابات الرئاسية أولا وبعدها الدستور ثم البرلمان، موضحا أنها لن تحدث اضطرابا لأنها ليست لها علاقة بالأحزاب. وجدد تأكيده أنه سيخوض الانتخابات مستقلا، داعيا التيارات السياسية الأخرى إلى النزول للشارع وتكوين تحالفات وتقديم ما يقنع الناس حتى يستطيعوا المنافسة. وفي عددها الأخير، نشرت مجلة «نيوزويك» الأمريكية تقريرا موسعا للحديث عن موسى تضمن كشف السر الذي أدى لأن ينال هذا السبعيني إعجاب الكثير من المتابعين. للوهلة الأولى، يبدو أن هناك فرصة ضئيلة في أن يفوز عمرو موسى بالانتخابات الرئاسية المقبلة في مصر، والتي تعتبر أول منافسة حرة للحصول على هذا المنصب في تاريخ البلاد الحديث. وليس هناك نقص في عدد المرشحين لقيادة البلاد، وهم جميعا لم يكونوا مقربين من الرئيس السابق حسني مبارك مثل ما كان موسى. فقد كان وزيرا لخارجيته من عام 1991 حتى 2001، قبل أن يمضي العقد الأخير أمينا عاما لجامعة الدول العربية، قريبا من مبارك قبل الإطاحة به، في وقت مبكر من هذا العام. وحتى الآن، فإن المرشح الأوفر حظا هو موسى نفسه، وليس أي شخص آخر غيره عند انطلاق التصويت. وبدعم كامل من جماعات متباينة، فإنه يتقدم بفارق كبير عن منافسه الرئيسي محمد البرادعي، رغم أن الأخير هو المرشح المفضل لدى المتظاهرين المناهضين لمبارك الذين ملؤوا ميدان التحرير في وسط القاهرة بالاحتجاجات، خلال فصل الشتاء. ما سره؟ ولماذا يعجب كثير من الناس بشخص يحمل على كتفيه 74 عاما، ويكسوه الوقار والصوت الجهور؟ إن تاريخه الطويل المعادي «للعدو القديم إسرائيل» وما تضمنه من مساجلات أثارت إعجاب مؤيديه. وقد تحدث موسى مع «نيوزويك» في مكتبه بمقر الجامعة العربية الذي يطل على ميدان التحرير، ولم يخف غضبه من إسرائيل. «لقد أصبحت عملية السلام كلمة غير نظيفة، وذلك لأننا اكتشفنا أنها كانت مجرد خدعة إسرائيلية لمواصلة المفاوضات، والتمتع بفلاش الكاميرات... ولكن لم يكن هناك مضمون. يجب علينا عدم الدخول في شيء من هذا القبيل مرة أخرى». لقد كانت إسرائيل موضوعا مهما في كثير من جوانب الحياة المهنية لموسى، فهو دبلوماسي متمرس وبمرور الوقت أصبح وزيرا للخارجية. وأدى بناء المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية وقطاع غزة ومفاوضاتها المتعثرة مع الفلسطينيين إلى عدم تقارب. وأصبح موسى واحدا من أكثر المنتقدين للإسرائيليين حيث واجههم في المؤتمرات وتصدى لهم في مقابلات تليفزيونية. وتبلور هذا الأمر في الأغنية الشهيرة التي كان يرددها المطرب الشعبي شعبان عبدالرحيم «أنا بكره إسرائيل وبحب عمرو موسى».. وذلك قبل أن يستبدل العبارة الأخيرة بوضع اسم مبارك بعد حذف عمرو موسى، لتجنب المتاعب وخوفا من غيرة الرئيس السابق. ويقول موسى إنه التقى عبدالرحيم صدفة بعد ذلك في حفل زفاف وقال له شامتا: «شريط الأغنية الأصلي جعلك مليونيرا، ولكن نسخة مبارك لم تبع على الإطلاق». وحتى مع ذلك، يستبعد موسى فكرة إلغاء المعاهدة، «نحن نريد إعادة إعمار البلاد وهذا بحكم الضرورة يعني عدم اتباع سياسة المغامرة». ومن المفارقات الطريفة أيضا أن موسى كان في طريقه إلى المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس بسويسرا عندما اندلعت الاحتجاجات في مصر، يناير الماضي. وعندما تطورت الأوضاع، غادر المؤتمر في وقت مبكر وعاد إلى القاهرة. وظل يتابع من مكتبه مئات الآلاف من المصريين وهم يحتشدون بميدان التحرير. وأخيرا أظهر استطلاع للرأي أجرته شركة تعمل في مجال البحوث الدولية، يونيو الماضي، أن موسى يتصدر المرشحين بنسبة 25 % من الأصوات مقابل 5 % عن البرادعي، وبأعداد أقل بالنسبة للبقية. ولكن خط اتجاه موسى هو الأقل تفاؤلا: فقد انخفض تأييده باطراد من 40 % في مارس، وهذا يعني أن السباق لا يزال مفتوحا في الوقت الراهن .