عندما انطلقت قبل أيام فعاليات بطولة كأس أمم أمريكا الجنوبية لكرة القدم، التي تستضيفها الأرجنتين حتى 24 يوليو الجاري، أصبحت جميع أنشطة الحياة في هذا البلد مهددة بالتواري والخفوت بما في ذلك الترتيبات للحملة الانتخابية الرئاسية، المقررة في أكتوبر المقبل. ولا تمثل كرة القدم في الأرجنتين مجرد رياضة أو بطولة، وإنما هي «أسلوب للحياة وهوية وعاطفة لمعظم المواطنين بمختلف طبقاتهم». والغالبية العظمى من السكان يتعاملون مع «المستديرة» على أنها أحد العناصر الأساسية في حياتهم اليومية مثل الماء والهواء، خاصة عندما يكون المنتخب الأرجنتيني «راقصو التانجو» أحد المشاركين فيها، بل ومن المنافسين على لقبها الكبير. أعلنت رئيسة الأرجنتين كريستينا كيرشنر أخيرا ترشحها لولاية جديدة في الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في 23 أكتوبر المقبل، والتي تشير استطلاعات الرأي إلى أنها ستفوز فيها بسهولة منذ الجولة الأولى وتفادي جولة إعادة نظرا لغياب منافس قوي يوحد المعارضة. وأمام استضافة بلادها لبطولة كأس أمم أمريكا الجنوبية لكرة القدم، فقد تأجل انطلاق حملتها الانتخابية لحين انتهاء الصراع على اللقب الذي يسعى منتخب الأرجنتين للفوز به لإنهاء حالة الجدب التي عانى منها على مدار 18 عاما مع أنه يتقاسم مع الأوروجواي الرقم القياسي في مرات الفوز، برصيد 14 لقبا لكل منهما. وقالت كيرشنر وهي تعلن ترشحها في القصر الرئاسي بالعاصمة بوينس آيرس خلال خطاب بثه التليفزيون العام قبل أربعة أيام من انتهاء مهلة تقديم الترشيحات: «سنخضع مرة أخرى لتصويت الناخبين»، منهية بذلك تكهنات استمرت لأشهر حول وضعها الصحي أو نواياها الفعلية. وظهرت كيرشنر «58 عاما» بلباس أسود مثلما تظهر يوميا منذ وفاة زوجها الرئيس السابق. وأضافت «التزامي لا رجوع عنه» معربة عن الأمل في أن تصبح «جسرا بين الأجيال الجديدة والقديمة». وتعهدت بتعميق سياساتها الاقتصادية والاجتماعية التي بدأها قبل ثمانية أعوام زوجها الراحل، وبتمديد البرامج التي أثارت غضب العديد من رجال الأعمال وأصحاب المزارع. وقدمت ترشيحها على أنه تقدير لزوجها الراحل وسلفها في المنصب نيستور كيرشنر، الذي أثارت وفاته، العام الماضي، تعاطفا عاما وعزز شعبيتها. وستكون كيرشنر، الخطيبة المفوهة التي لا تقرأ خطبها أبدا، مرشحة الجبهة من أجل الانتصار. وما يسهم في شعبيتها معدل النمو الذي يبلغ 7 % منذ ثمانية أعوام. والاقتصاد في الأرجنتين تحسن بسبب الأسعار القياسية التي بلغتها المواد الأولية لا سيما الصويا التي تعتبر أحد أبرز مصدريها في العالم. لكن المعارضة لم تتوقف عن التنديد بفضائح الفساد والثراء الشخصي لعائلة كيرشنر. كما تواجه رئيسة الأرجنتين اتهامات بإفساح المجال أمام التلاعب بالإحصاءات المتعلقة بالتضخم. وهي متحالفة مع الكونفدرالية العامة للعمل التي يتهم عدد من مسؤوليها بالفساد والعنف. كما تواجه حكومتها فضيحة اختلاس أموال عامة. وكيرشنر التي بدأت مسيرتها السياسية في إقليم سانتا كروز الجنوبي حيث ينحدر زوجها، تتمتع بصورة إيجابية لدى نحو 60 % من المواطنين، كما قال المحلل دوريس كابورو. وهي أول امرأة تنتخب رئيسة للأرجنتين وأدت اليمين الدستورية عام 2007. وسيكون وزير الاقتصاد أمادو بودو مرشحها لمنصب نائب الرئيس. أما خصمها الرئيسي فهو ممثل التجمع النائب ريكاردو الفونسين، وهو نجل رئيس سابق