حاولت في مقال السبت الماضي إضاءة بعض الزوايا والمنحنيات المعتمة لملامح التغيرات والتطور الاجتماعي للمجتمع السعودي، مع يقيني أن مقالا صغيرا لا يمكنه الإحاطة بموضوع ضخم كهذا، لكنها ومضات سريعة وأمثلة وليست دراسة شاملة لأن لهذا المجال مختصين ولست منهم. وكنت قد توقفت عند لحاق المجتمع السعودي بثورة الاتصال وما أحدثه دخول الإنترنت من ربكة اجتماعية وثقافية نتيجة سرعة ومفاجأة دخول هذه التقنيات إلى كل فئات المجتمع، وهذا ليس حصرا على مجتمعنا، بل شمل كل مجتمعات الأرض تقريبا، يختلف تفاعل كل مجتمع مع هذه التقنيات كل حسب تعليم أفراده وتقدم فئاته ومكانته بين الأمم. فاحتاج المجتمع السعودي إلى فترة امتدت عدة أعوام ليستعيد توازنه ويتعرف جيدا على هذه الثورة المعلوماتية، ولا يزال بحاجة إلى التخلص من بعض آثارها السلبية. ولا يخفى على الكثيرين أنه منذ تسلم الملك عبدالله حفظه الله حكم البلاد بدأ حراك اجتماعي وثقافي متزامنا مع سياسة الحوار والشفافية التي انتهجها ملك الإنسانية، وما أعطى كل ذلك الدفعة القوية اللازمة لتحريك الركود الاجتماعي، الطفرة الاقتصادية والتنموية التي تعيشها البلاد. وإن كان لا بد من عقبات وعثرات، إلا أنه لم يكن من الممكن حتى مناقشة بعض الأمور قبل عقد من الزمن مثل مسألة الاختلاط وتعريفه وضوابطه، وقيادة المرأة وغيرها من المسائل التي يخلط فيها الدين مع العادات والتقاليد. والمتأمل لما يدور من نقاش وجدال في المجالس والصحافة وكل قنوات الحوار، يجد بوادر تحول وتغيير اجتماعي كبير بالنسبة إلى السعوديين بالدرجة الأولى، وما يبعث على الارتياح أنه مسبوق بنقاش وجدال وحوارات اجتماعية وصحفية وثقافية بالتوازي مع نقاش رسمي متمثل في مجلس الشورى. فالتغيير أيا كان دون تدرج وتهيئة يحدث آثارا سلبية قد يفشله أو يحد من إيجابياته، كما أنه يجب أن ينبع من الداخل ولا يفرض من الخارج، هيلاري كلنتون أو غيرها لا يجب أن يكون لهم كلمة علينا، ودمتم.