هل نقيم الناجح بمنجزاته أم بتأهيله العلمي أم بشهرته؟ هل نقيمه بحاضره أم ماضيه؟، النجاح عبر التاريخ في مجالات كثيرة ليس دائما نتيجة مباشرة للمؤهل العلمي، الثقافة أيضا ليست محصورة في المسار الأكاديمي، حامل الشهادة الابتدائية قد يصل إلى قمة الإبداع الأدبي، المثقف بالمفهوم الشامل للثقافة قد يتفوق على أصحاب الشهادات في أمور الحياة المختلفة، المسؤول القيادي الناجح في القطاع العام أو في القطاع الخاص قد تكون بدايته المهنية في أعمال بسيطة وهذا مصدر فخر له، لا يعيب الناجح بدايته المهنية البسيطة أو أننا نعرفه قبل أن يبرز نجاحه للعلن. هذا رأي لا يقلل من أهمية الشهادات لكنه لا يربط بشكل مباشر بينها وبين النجاح. حين يقول الخبر إن فلانا تعين في مركز قيادي أو حقق جائزة في مجال معين، يتبع ذلك تعليق يقول: غريبة أنا أعرفه، كيف حقق ذلك؟! ويبدو أن صاحب التعليق لا يعرفه جيدا، أو أنه يعتقد أن الإنسان يتوقف عند حد معين في مسيرته ولا يتطور. أمر آخر في تقييم الناجحين، يعتمد البعض أحيانا على معيار التخصص فيحكم على القيادي الإداري بأنه لن ينجح لأنه غير متخصص في الإدارة ثم يكتشف أن العالم حافل بالناجحين المتميزين في هذا المجال وهم من تخصصات مختلفة، ولم يلتحقوا بمدارس أو دورات إدارية، هؤلاء بالممارسة يبدعون ويصبحون هم التجارب الإدارية التي تدرس لطلاب الإدارة والمتدربين في الجامعات ومعاهد التدريب. هناك فرق بين نجاح يقود إلى الشهرة وبين شهرة بلا نجاح، فرق أن نقول: "نجح فلان في تحقيق الشهرة"، وبين القول: "فلان ناجح وهذا سبب شهرته"، العبارة الأولى قد تكون الشهرة تحققت لأسباب تافهة مثل من يفتخر بمقتنيات لم يصنعها، العبارة الثانية تعني تحقق الشهرة نتيجة النجاح الفعلي في مجال معين، في العبارة الأول الشهرة غاية، في العبارة الثانية ليست كذلك. خلاصة القول إن المنجزات هي معيار التقييم وليس الشهرة أو الشهادات، المنجزات في مجالات مختلفة هي محصلة عوامل كثيرة من ضمنها المسار التعليمي لكنه ليس المؤثر الوحيد في تحقيق النجاح والإنجازات، ليس من المنطق الحكم على إنسان بأنه فاشل لأنه قرر ألا يلتحق بالجامعة واختار مسارا مهنيا في الحياة يتفق مع رغبته وقدراته وطموحه، هنا تذكير للآباء والأمهات بعدم إجبار أبنائهم وبناتهم على تحديد مستقبلهم الأكاديمي أو المهني، يقول المثل: يمكنك قيادة الحصان إلى النهر لكنك لا تستطيع إجباره على الشرب.