من خلال متابعتي للجدل الدائر حول قيادة المرأة واللغط بين المعارضين والمؤيدين، رغم أنها قضية ليست من وجهة نظري مما يفترض أن يختلف حوله، حيث إنها إحدى الحقوق الأساسية الطبيعية، وهي حق الإنسان في التصرف بما يملك، ولكن خطر لي بعض الخواطر حول سيناريو الجدل، وأسلوبه، فمثلا: بعض المعارضين يجعلون قضية قيادة المرأة تستند إلى أجندات خارجية، هدفها إفساد المجتمع، وذلك بهدف تشتيت ذهن المؤيد للقضية بجوانب «المخاطر الأمنية» حتى يتراجع عن تأييده، ويرفض القضية حفاظا على سلامة الوطن. وهذا غريب، إذ إن الحقوق الأساسية لا تدخل ضمن مشاريع خارجية، ولا تعتبر واحدة من أجنداتها، حتى وإن ظن البعض أنها تخدم هذه المشاريع بطريقة أو أخرى، فحق الإنسان في الدخول على الإنترنت مكفول، وهو وسيلة تدخل منها كل المشاريع الخارجية سواء تغريبية أو إفسادية أو إرهابية أو غيرها، مع ذلك لا يحق لأحد أن يعتبر الإنترنت خيطا من خيوط المؤامرة، أو جزءا أصيلا من هذه المشاريع. المسألة الأخرى، حرص البعض الآخر على تعليق مطلب قيادة المرأة بمفاهيم ثورية مختلفة، للتلبيس على الناس، وتصويرها في ثوب الفتنة والفساد، في تكرار ممل لكثير من مستجدات مجتمعنا وأسلوب الممانعة الذي تعرضت له هذه المستجدات، فقد أصبحت تهمتا الأجندة الخارجية والفساد، سلاحا ماضيا للحجر على آراء الناس وتكبيل حقوقهم، ومصادرة آرائهم بدوافع أمنية، لا شك بأن الحوار بشأن هذه القضية صحي، وينتج الكثير لأجل المستقبل، ولكن المعضلة هي في تحول الحوار الفكري حول مسألة محض اجتماعية، إلى حرب تيارية يريد كل تيار إقصاء الآخر من خلالها، والظهور بمظهر المنتصر المتسيد على المجتمع، من خلال إلصاق القضية بما ليس منها.