.. أنا على المستوى الشخصي على استعداد تام لتغيير نمط الأكل اليومي الخاص بي وفقا لظروف السوق، ولو رأيت أن هناك ارتفاعا في سلعة ما تستهلكها عائلتي الصغيرة فسأتحول إلى البديل الأرخص.. فلو ارتفع النعيمي فسأتحول إلى السلالات الأخرى الأرخص، ولو ارتفع الأرز فسأتحول فورا إلى القرصان والجريش.. يجب أن يكون رب الأسرة حكيما وقدوة لزوجته وأولاده داخل المنزل وخارجه.. تلك العبارات جاءت بنبرة حادة ومغلفة بالصدق على لسان وزير الزراعة الدكتور فهد بالغنيم في رده على ضيوف الندوة الثانية لإنتاج الأغنام بالمملكة التي نظمتها الوزارة بالتعاون مع «غرفة الرياض» أمس حول ارتفاع أسعار الأغنام وكثير من المواد الغذائية وشكوى الكثير من صعوبة شراء سلع بديلة أرخص. كشف وزير الزراعة النقاب عن توجه وزارته لتخصيص أراض قرب المدن والمحافظات لإقامة حظائر و«أحواش» لكي يستفيد أبناء البادية والمربون منها لإقامة حظائرهم للتربية، مشيرا إلى أن الوزارة رفعت إلى المقام السامي استراتيجية متكاملة لتنمية قطاعي الإبل والأغنام أعدت من قبل مختصين من الوزارة وباحثين من جامعتي الملك سعود والملك فيصل والقطاع الخاص، وتتضمن العديد من البرامج التنفيذية المقترحة لتنمية القطاع خلال فترة ما بين خمسة إلى عشرة أعوام، إضافة إلى القيام بالمراجعة النهائية لاستراتيجية طويلة الأمد للتنمية الزراعية المستدامة. وعن عدم تقديم قروض لصغار المربين من صندوق التنمية الزراعية أكد بالغنيم أن الصندوق لاحظ من خلال المتابعة الدقيقة أن غالبية تلك المشاريع تتعثر: «ولذلك أجرى دراسة متخصصة لمعرفة أسباب ذلك وسبل معالجتها، وقدم مبادرة لتنمية قطاع الثروة الحيوانية بالمملكة ضمن مبادرات الصندوق السبع»، داعيا المستثمرين لضخ استثمارات أكبر في قطاع الثروة الحيوانية لجدواها الاقتصادية من ناحية ولتحسين البيئة الإنتاجية في المملكة من جهة أخرى ونقلها من التقليدية إلى القطاع الإنتاجي الاقتصادي. وكشف بالغنيم عن تشجيع الوزارة إنشاء جمعيات مهنية لمربي الماشية في قطاعات الثروة الحيوانية المتعددة، وأفاد بأن هناك تنسيقا مع الهيئة السعودية للحماية الفطرية للاستفادة من أراضي المحميات لصالح مربي الماشية باعتبارها مناطق رعوية وفق ترتيبات معينة، مبينا أنه تم التنسيق كذلك مع وزارة الداخلية للاستفادة من بعض المناطق الرعوية وتنظيمها وخاصة في منطقة «الدهناء» بهدف إحداث عملية توازن في المناطق الرعوية وعدم المبالغة في الرعي بها. ورأى الدكتور فهد بالغنيم في حواره المفتوح مع ضيوف الندوة أن تقديم بعض الخدمات خاصة وسائل التلقيح الصناعي وأجهزة كشف الحمل والاستفادة من مخلفات الثروة الحيوانية ستكون مناسبة أكثر للقطاع الخاص الذي يمكنه تقديم مثل هذه الخدمات مقابل رسوم. وحول تحول بعض مزاين الماعز والنجدي إلى مجرد مهرجانات دعائية لا تخدم القضية الإنتاجية، قال وزير الزراعة لا يجب التقليل من تلك المزاين: «ولا مانع من ابتكار مزاين الدجاج.. فالدجاج ثروة وطنية نحن نستهلكه بشكل شبه يومي، وأنا شخصيا أدعم مثل هذه الأفكار»، ولفت النظر إلى أن الوزارة ستنشئ «بنكا خاصا بالسلالات الحيوانية» في المملكة في محافظة الخرج لحفظ أصول الثروة الحيوانية بالمملكة خاصة في ظل ما تستورده المملكة من ماشية حية تبلغ نحو خمسة ملايين رأس سنويا. وأوضح أن الوزارة وضعت معايير محددة لاستقدام العمالة الزراعية وهي الموكلة بوزارة العمل، مشيرا إلى أن وزارته تقدم خطابات التأييد للمزارعين لمساعدتهم في الحصول على التأشيرات المطلوبة: «ولذلك وضعت المعايير التي تحدد بالضبط العمالة المطلوبة لكل مشروع زراعي وقدمته لوزارة العمل التي باتت على اطلاع بحاجات المشاريع الزراعية من العمالة». وتم في ختام الحفل تكريم رعاة الندوة، فيما قدمت غرفة الرياض التجارية والصناعية هدية تذكارية لوزير الزراعة. وشدد الوزير على أن وزارة الزراعة فتحت المزيد من منافذ الاستيراد من الدول بهدف الحد من ارتفاع الأسعار، لافتا إلى أنه في مقابل ذلك ستطبق جميع الاشتراطات الصحية والبيطرية في القطعان المستوردة لمنع انتقال الأمراض من الحيوان إلى الإنسان، مؤكدا حرص الوزارة على دعم الإنتاج المحلي من الأغنام عن طريق تحسين بيئة الإنتاج، وأوضح أن قطاع الثروة الحيوانية بالمملكة يسهم في توفير نسبة كبيرة من الحاجات الغذائية للمواطن والمقيم والزائر ويحقق نسبة عالية من الأمن الغذائي بدلا من الاعتماد الكلي على الاستيراد من الخارج. وشدد الدكتور بالغنيم على حرص وزارة الزراعة على مراقبة الأوضاع الصحية والإنتاجية للثروة الحيوانية بالمملكة وتوفير الكوادر المتخصصة لتقييم مساره ومتابعة مشاريع قطعان الأغنام وتقديم جميع الخدمات البيطرية والوقائية والعلاجية والإرشادية، إضافة إلى توفير اللقاحات والأدوية البيطرية وفقا لإمكانيات الوزارة والقيام بأعمال الإشراف على تنفيذ برامج التحصينات الدورية ضد الأمراض في إطار الحفاظ على الثروة الحيوانية بالمملكة. وقدر العدد الإجمالي للأغنام بالمملكة التي تشمل الضأن والماعز بنحو 17 مليون رأس من بينها 3.8 % يتم تربيتها في مشاريع متخصصة، فيما النسبة العظمى تتبع للقطاع التقليدي والبادية والتي تستحوذ على أكثر من 16 مليون رأس، لافتا النظر إلى أن المملكة تستورد نحو خمسة ملايين رأس سنويا من الخارج. من جهة أخرى حذر رئيس اللجنة الزراعية بالغرفة سمير قباني من أن الارتفاع في أسعار الأعلاف نجم عنه ارتفاع كبير في أسعار اللحوم بالمملكة، وشدد على ضرورة حسم موضوع ارتفاع أسعار الأعلاف لما لذلك من تأثير كبير في أسعار اللحوم الحمراء بالمملكة، إضافة إلى ضرورة العمل من أجل تغيير النمط الاستهلاكي السائد في المملكة واتخاذ أنماط أكثر اقتصادية. أما تاجر الأغنام المعروف سليمان الجابري فتحدث بلهجة يغلب عليها الإحباط بأن بساط تربية الماشية تم سحبه من التجار السعوديين بسبب بعض القرارات الوزارية، قال: «وصول كيس الشعير إلى 50 ريالا أثر في السوق واضطر التجار إلى ذبح إناث الأغنام المكون الرئيسي لتكاثرها» وهنا تدخل وزير الزراعة معلقا على تلك الحادثة: «الوزارة لا تستطيع فتح استيراد الأغنام دون رقابة، فهنالك إجراءات وشروط لدخولها، إلاّ أن بعض هذه الشروط ينتج عنها مضايقات لتجار الماشية ولكننا نحرص على تقليل هذه القيود» .