منذ ما قبل فجر كتابتي ووعيي، أسهمت طفولة إبداعها في تأسيس كتابة أنثوية حرة وفاعلة دشنتها ب«إلى متى يختطفونك ليلة العرس».. والتي اختلطت فيها جدائل البدويات وعشقهن بطعم حريتهن التليد التي يحاول فاقدو النبل والشهامة مصادرتها وإعادتهن من فضاء الصحراء والحياة إلى «الخدور».. لن أسترسل هنا في إعادة سيرتها الإبداعية والكتابية العطرة، ولكنني أغص بدموع الأمل والرجاء، وتتواصل دعواتي وصلاتي مع دعوات وصلاة الطيبين وعشاق حروفها ووطنيتها، أن تحف الملائكة بسريرها اللندني الأبيض، وتكلؤها عين الرحمن بعنايته، لتعود إلينا وإلى طفول وغسان ونور، وقد ألبسها الله ثوب العافية.. هي فوزية أبو خالد الإنسانة بعيدا عن الألقاب والأسماء، لا يمكن التطرق إلى الشعر الحديث والثقافة الجديدة في الجزيرة العربية والخليج دون أن يرد اسمها فورا إلى الذهن.. الشاعرة والأكاديمية والباحثة والمناضلة الحقيقية في ظل ما يحيط بنا من جوقة المزيفات المدعيات ظلما وحماقة للكتابة والنضال.. هي سيدة شعرنا وكتابتنا التي تعتبر مجموعتها الشعرية الأولى «إلى متى يختطفونك ليلة العرس» الصادرة في بيروت عام 1973اللبنة الأولى في بناء تيار الوعي الشعري الجديد في المنطقة بأسرها.. هي فوزية التي حاول مثقفون وشعراء من أبناء الوطن محاربة إبداعها الآسر؛ لأن الشاعرة الأنثى سبقتهم في عمر الزمن وحركة التاريخ بأنها صاحبة أول إصدار شعري سعودي في قصيدة النثر في تاريخنا.. وكيف كانت تحجب نصوصها، وقصائدها، وحتى اسمها، ومن يكتب عنها في ملاحق ثقافية وأدبية سعودية تزعم التجديد والحداثة. هل علي القول إن على فتيات «الميك اب» اللاتي لا يملكن من أدوات الإبداع والكتابة سوى أجسادهن.. أن يتعلمن من تجربة سيدتنا الخالدة أن الإبداع لا يحتاج إلى شفاعة ولا إلى واسطة، ولن تصده حدود أو عقبات لمعانقة الأرواح.. ماذا علي أن أقول لسيدة شعرنا وهي بين مشارط الأطباء، تتكئ على إيمانها العميق في مواجهة شراسة «الكيماوي»، وتغالب صمتها وصبرها، وهذا البياض الطويل.. ظمئنا إلى كلماتك سيدة الحرف والصدق هذا عذاب لنا وطويل قرأنا غيابك حتى عن الوعي غبنا، نردد: أم طفول تعالي إلينا تعالي لنا تعالي وكل السلام عليك ومنك....