هل أحسست يوما أنك وصلت في حياتك إلى الحلقة الأخيرة، النهاية القاطعة، الختام الذي لا يليه أبدا جزء ثان على هذه الأرض؟ أعني الحياة بشكل عام.. لا الأحداث الصغيرة التي تحدث ضمن طياته، الحدث الأكبر الأهم الأولى الذي كنت تعيش من أجله، أن ينتهي فجأة بصورة قبيحة جدا وبشعة جدا لم تكن تتصورها إطلاقا، أن ينتهي نهاية صغيرة أصغر بكثير مما كنت تتوقع أو تأمل، أن ينقطع الحبل السري الذي كان يمدك بالأمل لتعيش ما بقي من أيام عمرك معلقا بين الحياة والموت، فارغا من كل شيء إلا الوجع، الوجع الذي يتسرب بين مسامات جلدك ويختبئ بين خلاياه ثم يجد طريقه لينفذ إلى عروقك ويجري فيها مجرى الدم.. الوجع الذي يصبح هواء تتنفسه وتختنق به، الوجع الذي يمتص ألوان الحياة ويتركها أمام عينيك رمادية باهتة جدا. أين ستنطلق بعد أن وصلت للنهاية وكل الطرق تبدو متشابهة جدا؟ متطابقة تماما، وكل الأحلام التي خبأتها في جيوبك لتقضيها في عمرك الآخر تبدو لك الآن دليلا على غبائك وسذاجتك وسخفك، أفكارك تسخر منك، تكتشف كم كنت أحمق حين علقت كل آمالك على ذلك الغد الذي تلاشى الآن. تفكر وأنت تقف في دوامة من فراغ لا متناهية، كيف ستقضي ما بقي لك من أيام؟ بأي شيء ستشغل سنواتك القادمة؟ ملايين الملايين من الدقائق اللانهائية؟ ربما تنشغل بالنسيان؟ النسيان هو العلاج الحصري لكل مشاكل العالم، ستنسى أنك وصلت للنهاية وستظن أن مسلسل حياتك ما زال مستمرا، يبدو السيناريو ملائما جدا «ما ينسى يكون كما لو أنه لم يحدث قط» كما تقول إيزابيل الليندي، لهذا فاقدو الذاكرة هم أسعد الناس حظا، فقد أتيحت لهم فرصة عيش حياة أخرى جديدة ضمن حياتهم السابقة المنسية! مدونة أرجوحة http://www.orjo7a.com/blog/