لدي أخت عمرها عشرون سنة، من أفضل البنات منذ كانت في العاشرة، وكانت مثالية في تعاملها مع أمي وأخواتي الصغيرات، فيها طيبة ولطافة، وقدر من الجمال منذ أن كانت في المتوسطة، وزميلاتها يمتدحنها ومعجبات بها، فأصبحت مغرورة إلى حد ما، تغيرت قليلا من ناحية تحمل المسؤولية والاهتمام بأمي، وزاد بعدها عنها بعد وفاة والدي «رحمه الله» فقد كان يحبها ويدللها. بالرغم من أن أمي تحاول التقرب منها بكل ما تستطيع، ومنذ أن دخلت الجامعة هذه السنة تغيرت كليا وأصبحت سيئة التعامل والحديث مع أمي، ولا تتفاعل ولا تتكلم أبدا، وتأتي من الجامعة بعد العصر ثم تنام إلى الليل، أو تتحدث مع زميلاتها بالجوال بالساعات «وهذه من أكبر مشكلاتها مع أمي»، وتصحو وحدها في الليل تعمل بحوثها أو تفتح النت. ولديها أخت أصغر منها بأربع سنوات، وعلاقتها معها لا بأس بها، بالرغم من أنها تغار منها «فهي شديدة الغيرة من أي أحد» وتدعي أننا نفضلها عليها «ونحن نحاول أن نتعامل بشكل جيد مع الصغرى؛ لأنها في سن تحتاج فيه إلى ذلك»، المشكلة أن أمي خائفة جدا من أن تكون لها علاقات غير طيبة مع زميلاتها بحكم تعلقهن بها، وطيبتها معهن، فأمي تعاني لدرجة أنه يرتفع لديها الضغط أحيانا لدرجة كبيرة منها، فكيف نتعامل مع أختي؟ تسعى أختك لبناء شخصية قوية مستقلة كما كان والدها.. فإن ما يحدث من أختك أسبابه الآتي: 1. فقدانها لوالدها ودلاله لها الذي تعودت عليه، فهي تفتقد وجود القدوة المقرب لها، أي الصديق الذي تلجأ له للتحدث معه عندما تحتاج، ويستمع لها بآذان مصغية ويوجه بهدوء. 2. طبيعة المرحلة العمرية التي تمر بها «المراهقة المتأخرة»: فتتميز هذه المرحلة بالآتي: «الحساسية الزائدة، عدم الثقة بالنفس أو نقصها لأنها تحتاج للشعور بالاستقلالية ولكنها لا تجدها كاملة، الانفعال الشديد والعصبية من أقل المواقف، تحتاج إلى من يرشدها لقلة خبراتها في الحياة، بالإضافة إلى وجود الحجاب بينها وبين والدتها وأخواتها الأخريات. فقد تأتي لتحكي معك ولكن ليس كل شيء. • فإن من سمات مرحلة المراهقة التي تمر بها محاولتها الاستقلال وتكوين شخصيتها، فلقد بدأت تنشئ معاييرها الخاصة بها في قبول الأشياء أو رفضها بعيدا عن معايير الأب التي كانت تتقبلها دون نقاش في طفولتها. • بالإضافة أيضا إلى لفت انتباهكم إلى أن تلاحظوا أنفسكم في معاملة الأخت الصغرى فربما تتعاملون معها بشكل أفضل على أساس أنها الصغرى، بالإضافة لفقدانها أبيها في سن أصغر من باقي الأبناء فتحاولون تعويضها هذا الفقدان، فهي تصغرها بأربع سنوات فقط، وهذا يعني أن الكبرى عمرها عشرون عاما، والصغرى ستة عشر عامًا فيمران بمرحلة المراهقة، وكل منهما يحتاج إلى الاهتمام، ومتطلباتهما متقاربة. فيجب عدم محاولة الاهتمام بالأصغر سنا منها، فعندما يتم معاملة كل منهما في نفس المواقف بمعاملة واحدة فلن تقول أنتم تفضلونها علي، ولن تشعر أنها أفضل من أختها فيزيد غرورها لذاتها كما كان يحدث مع والدها.. بل ستشعر بأنها مثلها مثل أختها بالتساوي... فليس هناك الأفضل. • اجعلي والدتك تطمئن فإن ارتباطها بزميلاتها وارتباطهن بها لأنها تحاول إيجاد عالم آخر لنفسها؛ لتثبت لنفسها مدى استقلالها في عالمها الجديد، وتضع لنفسها معاييرها وترسم شخصيتها وطريقة تفكيرها الخاصة، ومحاولتها لحل مشاكلها من وجهة نظرها الشخصية، فالمراهق يسعى أن يبني شخصيته المستقلة بشكل أو صورة مختلفة ليست طبق الأصل من شخصية الأبوين، أو مختلفة عنهم ولو بشيء ما يميزه، لذلك هي ترى أن لا أحد يفهمها. • فعليكم أختي العزيزة عدم استخدام أسلوب التعنيف والشدة دائما معها للتحدث عما تواجهه خارج الأسرة؛ لأن هذه المرحلة العمرية تحتاج إلى الهدوء في التعامل معها، وهذا لقلة خبراتها في الحياة، لأنها تحتاج إلى الاحتضان والدفء الأسري، فالتعامل بهدوء يجعلها تتعود على التعامل بهدوء والعكس. • يجب عليكم إتاحة الفرصة للحديث عما يدور بداخلها بحرية، فذلك يجعلها تشعر بأن لها أهمية وتقديرا وبحبكم لها وخوفكم عليها. • عدم محاسبتها على كل صغيرة وكبيرة تفعلها أو تقولها.. أعطوها مساحة ولو قليلة من الحرية، وحاولوا أن تشركوها في أي شيء خاص بالأسرة أو بمشكلاتكم، وتتحمل مسؤولية ما داخل الأسرة «أي تشعر بأن لها دورا فعالا داخل الأسرة» ليكون هناك طريق أفضل للتواصل والحوار. • من المفضل أن تتقربي منها أكثر ما دام أنها تسألك كثيرا، وتشتكي إليك، وتحاولي إزالة الحاجز لتعرفي منها ما هي الطريقة المناسبة التي تفضلها لتجعل المحيطين بها يفهمونها، وتوضحي لها أن خبرات الأقران قد لا تأتي بالثمار المرغوب فيها لحل المشكلة التي تواجهها لتقارب السن والخبرات التي مروا بها مع زملائها أو صديقاتها، وأن الأكبر سنا قد يكون لديهم حل قاطع أفضل بكثير؛ نظرا لمرورهم بخبرات أكثر في حياتهم، مع توضيح أنك ستكونين حافظة السر لما تقوله لك إذا طلبت منك عدم إخبار أحد بما سترويه لك، وإذا وجدت منك غير ذلك فستفقد الثقة بك وبالمحيطين وخاصة بالأسرة، وتزيد الفجوة بينها وبينكم. • وإذا أردت أن تخبريها بمعاناة والدتك فمن المفضل أن تخبريها بأن والدتها قلقة عليها، وتريد أن تعرف ما تريده لتتواصل معها في التفكير؛ لأنها تريدها في أحسن حال دائما.. وتوضحي أن الله عز وجل أمرنا ببر الوالدين، وهي أيضا تحاول أن تتقرب من والدتها في المقابل، فلا يفضل أن تقولي لها إن والدتها تعاني منها بشدة وأنها تمرض بسببها في أول الأمر، ولكن إذا لم يجدِ ما تقومين به معها من توجيه في معاملة أمها فيمكن أن توضحي لها أن والدتها تعاني وتتعب منها لذلك تشعر بنتاج ما تصر على عمله من سلوكيات تجاه أمها. • فعندما تصبح والدتك قريبة منها ستجدها هي التي ستأتي لكم وتشرككم في أحداث يومها حتى التفاصيل الدقيقة ليومها في الجامعة ومع زميلاتها المجيبة: أسماء خميس مرسي مستشارة نفسية