ملحمة جديدة تحكي في واقعية شديدة مأساة الشعب الفلسطيني، بين قصتي حب في زمنين مختلفين، ترمز كل قصة منهما للتغيرات التي طرأت على هذا الشعب.. القصة الأولى قصة زواج تقليدي حدث في زمن ما قبل النكبة بين يونس ونهيلة التي لم يحبها إلا عندما بعدت بينهما المسافات، وكأن إلياس خوري يرمز لفلسطين التي ما عرفها أهلها ولا أحبوها إلا بعدما ضاعت!. نهيلة التي حملت عبء أسرتها وحدها واكتفت بحظها من السعادة المسروقة في «باب الشمس»، تلك المغارة الجبلية حيث كانت تلتقي بزوجها الذي اختار طريق النضال دون أن يعرف للوطن معنى، لكنه كان يعلم جيدا مذاق البرتقال وأشجار الزيتون ودجاجات أمه، ومن أجلها ناضل في البداية ثم أحب الأرض وعشقها عندما أصبح الطريق الوحيد للوصول إليه هو التسلل، وأحب زوجته عندما أصبحت لقاءاته المتفرقة البعيدة بينهما تحتاج إلى مغامرة. قصة الحب الأخرى كانت قصة امرأة مطرودة لاجئة نشأت في مخيم تكالبت عليها الخيبات ولم تعرف الإخلاص لتتابع الصدمات. العلاقة هنا بين خليل وشمس هي علاقة غير شرعية.. بينما علاقة يونس ونهيلة شرعية.. وكأن الكاتب أراد الإشارة لعلاقة كل جيل بأرض نشأته. Fadwa Fareed بأسلوب سردي مميز ومن قلب غرفة بمستشفى صابرا وشاتيلا ببيروت استدرجني الدكتور خليل إلى الإنصات إلى حكاياته التي كان يرويها أو يعيد روايتها إلى يونس المقاوم المسجى في سريره نتيجة غيبوبة تامة كان ضحيتها بعدما تلقى خبر وفاة زوجته نهيلة والتي كان يغلفها خليل بأمل عودة يونس إلى طبيعته لأن أمثاله لا يستحقون تلك النهاية. انطلاقا من النكبة الكبرى بفلسطين ومرورا بالحرب الأهلية بلبنان ثم العودة إلى فلسطين مرة أخرى كان يسافر بي خليل برواياته التي كانت تصب في هذا المنحى وكان يلبسني قناع شخصياته ويتركني أتلاشى أمام مآسيها وأعيش حالات حزنها. باب الشمس إذن رواية ليست كبقية الروايات ترجم من خلالها الكاتب اللبناني إلياس خوري بأسلوب روائي رائع ما عاناه الفلسطينيون ومازالوا يعانونه من مآس. Fouzia هي سيرة الموت والتهجير والمخيمات وأناس يبحثون عن الحياة ويحلمون بالوطن حيث لا وطن ولا حلم. الرواية لن تُحرق أحداثها وإن رويتها كاملة لأنها معروفة سلفا من «العذاب الفلسطيني إياه» إلى ما نراه اليوم وكل يوم على شاشات التلفزة. من أين أبدأ الحديث عن الرواية؟ من التواريخ؟ أم من الأشخاص؟ وإن أردتها تاريخيا فمن أين أبدؤها؟ من ثورة فلسطين الكبرى عام 36 أم من إعلان إسرائيل عام 48 والتهجير الفلسطيني أم الحرب الأهلية؟ المرأة الفلسطينية كانت حجر الأساس في الرواية. نراها في علاقة يونس بنهيلة لتبدو أشبه للحكاية الملحمية، ذلك الحب الذي لم يبدأ إلا بعد سنين من الزواج أي بعد عام الخروج الكبير في ال48 وهجرة يونس للبنان. فصارت نهيلة الزوجة والأم والحبيبة والأرض التي يشد رحاله إليها كلما قتله الحنين هناك إلى باب الشمس مغارة الحب التي تحفظ ما بقي من نور فلسطين ليستدل إليها يونس. ومن باب الشمس تنجب نهيلة أطفالها السبعة، ومن باب الشمس يكبر الأمل الفلسطيني الكبير.. أمل العودة. لكن تنتهي الأحلام وتكون فلسطين كبش الفداء وتضيع ويضيع الفلسطينيون في حرب لبنان الأهلية وتلاحقهم المجزرة تلو المجزرة!. Amal