من النظريات التي تعرفت عليها أخيرا، وأرى فيها تحليلا رائعا لكثير مما يدور حولي، نظرية «أثر الفراشة»، وهي لمن لا يعرفها، تقول: «في الأنظمة المعقدة، التغييرات البسيطة تدخل النظام فتحدث تطورات هائلة. فعلى سبيل المثال عندما تطير فراشة في الصين، فحركة الجناح تدخل نظام الأحوال الجوية وتتحول إلى إعصار مدوٍّ في كلورادو في أمريكا!». بالتأكيد ليس كل حركة فراشة في الصين تكون إعصارا في كلورادو وإلا لما كانت هناك ولاية اسمها كلورادو!. كنت أتمنى لو أني أعرف هذه النظرية منذ زمن، لما ظلمت كثيرا من الظروف والأشخاص الذين اتهمتهم أنهم سبب لبعض من النتائج، والنتيجة أيا كانت من الصعب الوصول إليها بسبب حدث معين أو شخص معين، فهي تحدث بفعل عوامل كثيرة بعضها صغير وبعضها الآخر رئيسي، تجمعت كلها داخل هذا النظام وأعطتنا النتيجة نفسها. الدولة المستبدة مثلا نظام معقد مثل النظام الجوي، والفساد والاستبداد والدكتاتورية من نتائج هذا النظام، وطبقا لنظرية «أثر الفراشة» ربما كان السبب المبدئي لهذه النتائج الكارثية هو أن شخصا رمى منديلا في شارع ما أو شابا متحمسا كتب على جدار «الفيس بوك» كلاما بلا دليل! نظرية أخرى تعجبني هي نظرية «حكمة الحشود»، وهي، لمن لا يعرفها أيضا، تقول إنك لو وضعت صندوقا من الحلوى أمام حشد من الناس، ثم طلبت من كل واحد منهم أن يخمن كم عدد حبات الحلوى في هذا الصندوق، وتركت كل واحد يكتب الاحتمالات التي يتوقعها للعدد الصحيح في ورقة، ثم جمعت كل الأوراق، ستجد في الغالب أن الرقم الصحيح لعدد حبات الحلوى غير موجود في أي من الأوراق، لكنك ستجد أن متوسط كل التخمينات قريب جدا من العدد الصحيح. في الحقيقة أن ما ذكرته للتو هو تجربة يحرص كثير من أساتذة علم النفس في الجامعات على تنفيذها أمام الطلاب، فالتجربة تثبت أن مجموع عقول الناس – في هذه الحالة متوسط تخميناتهم – أفضل من عقل كل شخص بمفرده! هذه النظرية ربما تفسر إلى حد ما، اعتبار الديمقراطية أحد أفضل وسائل الحكم في العصر الحالي، لكن هناك جزئية مهمة، فحتى تصل ل «حكمة الحشود» يجب أن يكون كل رأي مستقلا عن البقية، وإلا فإنك ستحصل إلى نسخ مكررة من نفس الرأي، وهذا بدوره ربما يفسر أيضا لماذا تصل كثير من التجارب الديمقراطية إلى نتائج كارثية. ملاحظة: يمكنك الوصول لنتائج مخالفة باستخدام نفس النظرية، وهذا يعني أن النظرية قابلة للتطور ولا يعني قطعا خطأ النظرية نفسها. مدونة: http://brhom.net