واصلت قوات التحالف، أمس، عملياتها ضد نظام الزعيم الليبي معمر القذافي الذي أكد مجددا أنه «لن يتراجع» وتوقع «حربا طويلة». وغداة بدء الحملة العسكرية، أعلن رئيس هيئة أركان الجيوش الأمريكية الأميرال مايكل مولن لشبكة سي إن إن، أمس، أن المرحلة المقبلة من ضربات التحالف ضد قوات معمر القذافي ستكون مهاجمة خطوط إمدادها لشل قدرتها على القتال. وقال ضابط في هيئة الأركان الأمريكية إن المرحلة الأولى من الحملة حققت نجاحا والقوات الموالية للقذافي لم تعد تزحف باتجاه بنغازي. وألقت ثلاث مقاتلات أمريكية شبح «بي 2» 40 قنبلة على قاعدة جوية كما ذكرت محطة تليفزيون «سي بي إس نيوز» دون أن يتم الحصول على تأكيد رسمي للعملية على الفور. وقالت المحطة إن هدف العملية كان تدمير قسم كبير من سلاح الطيران الليبي لكن الطائرات الحربية الأمريكية لاحقت قوات برية أيضا بهدف تدميرها. وبدأت العملية العسكرية أمس الأول مع تحليق طائرات رافال وميراج 2000 فوق الأراضي الليبية وتم تدمير عدة دبابات تابعة للقوات الموالية للقذافي. ومساء نفذت القوات البريطانية أولى الغارات الجوية في حين أطلقت صواريخ توماهوك من السفن والغواصات الأمريكية قبالة السواحل الليبية. وأطلقت العملية الدولية في إطار القرار رقم 1973 الصادر عن مجلس الأمن الدولي الذي يجيز استخدام القوة لحماية المدنيين في ليبيا. وأفاد مصدر عسكري فرنسي أن العمليات الجوية للقوات الفرنسية كانت مستمرة، صباح أمس، فوق ليبيا. وفي طرابلس أكد الزعيم الليبي معمر القذافي في تسجيل صوتي بثه التليفزيون الحكومي، أمس، أنه سينتصر داعيا الغرب إلى «مراجعة حساباته والتراجع». وتوقع القذافي أن تكون الحرب «الصليبية» التي يخوضها الغرب ضده «طويلة» وتوعد بالقضاء على الذين يتعاونون مع قوات التحالف. وقال «إن المهاجمين مهزومون (...) نحن لن نتراجع أبدا، ولن نموت أنتم ستموتون وسنبقى أحياء وننتصر». وأضاف «أنتم بإمكانكم أن تتراجعوا وتنسحبوا وتذهبوا إلى بلدانكم وقواعدكم لكننا هذه أرضنا (...) أنتم بإمكانكم أن تراجعوا حساباتكم وترجعوا». من جهة أخرى، أكد القذافي أنه لن يترك الغرب يتمتع بنفط ليبيا، مشددا على أن التحالف الذي بدأ هجومه، أمس، «سيسقط كما سقط هتلر ونابليون وموسوليني». وقال «لن نتركهم يتمتعون بنفطنا (...) لن نفرط في ثورة الفاتح ولن نترك أمريكا (وفرنسا وبريطانيا) تتمتع بنفطنا». ودعا من أسماهم «المهاجمين المهزومين» و«الطغاة» إلى «مواجهة برية» مؤكدا أن «الليبيين على استعداد للاستشهاد» موضحا «نحن نوزع السلاح على الشعب الليبي كله». كما أكد أنه «سيقضي» على الذين يتعاونون مع «الحلف الصليبي». وقال إن «كل من يتعاون مع الحلف الصليبي سيتم القضاء عليه في بنغازي وأي مكان آخر». وفي أكبر تدخل عسكري في العالم العربي منذ الغزو الأمريكي للعراق في 2003، أطلقت السفن الحربية الأمريكية والبريطانية 110 صواريخ توماهوك عابرة على الأقل على ليبيا أمس الأول، كما قال عسكريون. وقال الأميرال الأمريكي وليام جورتني لصحفيين إن هذه الصواريخ أصابت «أكثر من 20 هدفا من الأنظمة المضادة للطيران وغيرها من المنشآت الدفاعية» على الساحل الليبي. من جهة أخرى، ذكر مسؤول فرنسي أن الهجمات الجوية بالطائرات والصواريخ «منسقة» من مقر أمريكي في ألمانيا. وجاء الهجوم بعد يومين من تبني مجلس الأمن الدولي قرارا يجيز استخدام القوة ضد ليبيا لمنع قوات القذافي من سحق الثوار في أول تمرد تشهده ليبيا منذ 41 عاما. وتهدف العملية العسكرية الغربية إلى وضع حد للقمع الدامي الذي يمارسه نظام القذافي ضد المتمردين الليبيين منذ أكثر من شهر. وقال مراسل لوكالة فرانس برس إن قنابل القيت، أمس، قرب باب العزيزية مقر القذافي؛ ما أدى إلى رد من المدفعية الليبية المضادة للطيران استمر نحو 40 دقيقة. وكان التليفزيون الليبي ذكر أن مئات الأشخاص تجمعوا أمام باب العزيزية ومطار العاصمة للدفاع عنه. وقال مسؤول ليبي إن 48 شخصا على الأقل قتلوا و 150 جرحوا -معظمهم من النساء والأطفال- في ضربات التحالف التي بدأت مساء أمس الأول. وبدأ الهجوم بغارة جوية قصفت خلالها طائرة حربية فرنسية آلية تابعة لقوات الزعيم الليبي. وذكر التليفزيون الليبي نقلا عن متحدث باسم الجيش الليبي أن أهدافا مدنية في مدن طرابلس ومصراتة وزوارة وبنغازي وسرت الساحلية تعرضت لغارات «معادية». وقد أكد الرئيس الأمريكي باراك أوباما أنه أذن للقوات الأمريكية القيام ب «عمل عسكري محدود» في ليبيا لفرض احترام القرار 1973 مؤكدا أن أمريكا لن تنشر قوات على الأراضي الليبية. وعبرت روسيا والصين اللتان امتنعتا عن التصويت على القرار 1973، عن أسفهما للتدخل العسكري. كما رفضت لجنة الاتحاد الإفريقي التي كان ينتظر وصولها إلى ليبيا غدا «التدخل العسكري» وقالت إن التحالف الدولي لم يأذن لها بالقيام بمهمتها. من جهة أخرى، دعا رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوجان في جدة، أمس، إلى «وقف إطلاق النار على الفور» في ليبيا. وقال «نطالب بوقف إطلاق النار على الفور في ليبيا وقد أبلغنا السلطات الليبية بعدم توجيه السلاح نحو الشعب والاستماع لمطالبه». واعترض الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى على القصف الذي تقوم به قوات التحالف الغربي ضد الأراضي الليبية، مؤكدا أن ما يحدث يختلف عن الهدف من فرض الحظر الجوى، وما نريده هو حماية المدنيين وليس قصف مدنيين إضافيين .