دفع الارتفاع المتواصل لأسعار النفط في الأسواق العالمية طموحات العائلات السعودية في إمكانية زيادة رواتب الموظفين بشكل كبير خلال العام الجاري بحيث تكون نسبة الزيادة في حدود 9 % على خلفية زيادة رواتب السعوديين خلال العام الماضي بنسبة ما بين 6.7 % و7 % مقابل 6.8 % و7.2 % في قطر، 6.4% و7.0 % في عُمان، و5.7 % و5.9% في الكويت، و5.2 % و6.3 % في الإمارات، بينما 4.9 % و5.1% في البحرين حسب دراسة بحثية متخصصة أصدر أمس «جلف تالنت دوت كوم»، وهي إحدى كبريات شركات التوظيف الرائدة على شبكة الإنترنت في الشرق الأوسط. ويتوقع أن تواصل سوق التوظيف في الخليج نموها بمعدلات معتدلة، حسب ما أشارت إليه الدراسة، بفضل التعافي الاقتصادي العالمي وارتفاع أسعار النفط ومواصلة الحكومات إنفاقها على مشروعات البنية التحتية. وتوقعت 61 % من الشركات التي تم استطلاعها زيادة عدد العاملين فيها في عام 2011 مقارنة ب 9 % منها ترغب في خفض عدد العاملين فيها. ونشرت نتائج الدراسة في التقرير السنوي السادس للشركة حول التحولات في سوق العمل، تحت عنوان «التوظيف وحركة الرواتب في الخليج 2010 – 2011»، واستندت تلك النتائج إلى استبيان لآراء 32 ألف مهني و1400 شركة في دول الخليج الست، وكشفت أن قطر والسعودية على رأس قائمة الدول الخليجية في معدلات زيادة الرواتب عام 2010 بنسبة 6.8 % و6.7 % على التوالي، بينما جاءت سلطنة عُمان في المركز الثالث ثم الكويت في الرابع، في حين شهدت الإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين أقل الزيادات في رواتب القطاع الخاص بنسبة 5.2 % و4.9 %، على التوالي. وعلى الرغم من أن هذه الزيادات أقل بكثير من الزيادات ثنائية الأرقام التي شهدناها عام 2008، كان الارتفاع في الرواتب أعلى من معدل التضخم ما نتج منه تحسين مستويات المعيشة بالنسبة للكثيرين. ولكن نحو 55 % من المهنيين لم يحصلوا على أية زيادة في الرواتب على الإطلاق. ومع ارتفاع الإنفاق الاستهلاكي، شهد قطاع مبيعات التجزئة أعلى معدل في زيادات الرواتب بنسبة 6.4 %، بينما حصل قطاع التعليم على أقل زيادة بنسبة 3.8 %. ومن بين الفئات الوظيفية، حصل المهنيون في مجال الموارد البشرية على أعلى زيادة في الرواتب بنسبة 7.1 %، أما أقل زيادة في الرواتب فكانت من نصيب المحامين بنسبة 4.3 %. وحسب الدراسة، جاءت الزيادات في الرواتب وإلى حد كبير كنتيجة لجهود أصحاب الأعمال للمحافظة على أفضل العاملين لديهم، وإلى الطلب المتزايد على الكوادر المهنية الماهرة في قطر والسعودية، إضافة إلى النمو المتواصل في آسيا التي تشكل المصدر الرئيسي للمواهب والكوادر المهنية في الخليج، وحصل المهنيون الآسيويون العاملون في الخليج على زيادات في الرواتب أعلى من المعدلات المعهودة، وبلغت 6.1 % مقارنة بنسبة 3.2 % فقط حصل عليها المهنيون من الدول الغربية. ويعود ذلك إلى ازدياد الفرص المهنية الجذابة في الدول الآسيوية، حيث ارتفعت الرواتب بفضل الاقتصاد الهندي المزدهر بنسبة 11.1 % عام 2010، مقارنة ب 2.4 % في المملكة المتحدة، حيث مازالت معدلات البطالة مرتفعة بسبب تداعيات الأزمة المالية العالمية. وحسب نتائج دراسة «جلف تالنت دوت كوم»، تشهد سوق العمل في الخليج «تواجدا صينيا محدودا ولكنه ينمو بشكل سريع»، حيث يبحث أصحاب الأعمال عن بدائل للعمالة القادمة من الهند والفيليبين، وهما الدولتان اللتان تمثلان المصدر التقليدي للمهنيين، بينما تفوز شركات صينية يزداد عددها باستمرار بعقود كبيرة في مجال التشييد والطاقة في المنطقة وغالبا ما تجلب معها العمالة المطلوبة من الصين مباشرة: «فمن المشروعات الكبرى التي تنفذها الشركات الصينية في منطقة الخليج، مشروع الطريق السريع بين مكةالمكرمة والمدينة المنورة بالسعودية، والميناء الجديد في العاصمة القطرية الدوحة». من ناحية أخرى، واصل أرباب الأعمال في كافة أنحاء المنطقة الاستفادة من الكوادر المهنية والمواهب المتوفرة في دبي، حسب ما أفادت به الدراسة، فبالإضافة إلى المهنيين الذين انتقلوا من دبي منذ بداية الأزمة المالية العالمية، يتنقل نحو 5 % من القاطنين في دبي يوميا بين دبي وأبوظبي للوصول إلى أماكن عملهم في العاصمة الإماراتية، ما يعني زيادة عدد هذه الفئة خمسة أضعاف منذ عام 2008. ولاحظت الدراسة نزعة مشابهة في البحرين حيث يتنقل 2 % إلى السعودية مرورا بالنقطة الحدودية بين البلدين للوصول إلى المنطقة الشرقية في السعودية التي تعتبر مركز الصناعات النفطية والبتروكيماوية، بزيادة قدرها 1 % مقارنة بعام 2008. وعن تأثير اضطرابات مصر وتونس على سوق العمل الخليجية ألمحت الدراسة إلى احتمال تأثير الاضطرابات الأخيرة في الشرق الأوسط، على توفر المواهب والكوادر المهنية في الخليج عام 2011، وقالت إن أية اضطرابات مستمرة «قد تزيد في أعداد المهنيين العرب من المناطق التي تعاني الاضطرابات والذين سيبحثون عن فرص مهنية في الخليج، ما يؤدي إلى ضغط يخفض مستويات الرواتب»، وأشارت إلى أحداث 2006 في لبنان نتج منها هجرة جماعية للمهنيين اللبنانيين إلى الخليج. يشار إلى أن دراسة «جلف تالنت دوت كوم» اعتمدت على استبيان شمل 32 ألف مهني و1400 شركة في دول مجلس التعاون الخليجي الست، بالإضافة إلى لقاءات مع رواد الأعمال ومديري الموارد البشرية على المستوى الإقليمي .