أثار التقرير الذي أعلنت عنه وزارة الخدمة المدنية أمس الأول، فيما يخص أنشطتها خلال الفترة من العام المالي 1425 1426 حتى 1430/1431ه تساؤلات عدد من المختصين، خصوصا الأرقام التي خرج بها وأظهرت عجزا في إحلال عدد من الوظائف بطاقات سعودية من الجنسين، حيث لا يزال هناك 57.546 وظيفة متاحة، مؤكدين أن ما أشار إليه التقرير هو أن سبب تعطيل الإحلال يرجع إلى عدم وجود من لديه التأهيل العلمي المناسب يثير كذلك عددا من التساؤلات عن بقاء هذا العدد من الوظائف، وهي تنتظر الكفاءات السعودية، خصوصا في قطاع الصحة والهندسة، وعن الأسباب الرامية إلى هذا التعثر على مدى خمسة أعوام. وطالبوا بإعادة النظر في بعض التخصصات التي تخرج آلافا سنويا ويصرف عليها أموال طائلة ليتخرجوا في نهاية المطاف عاطلين عن العمل، إلى جانب وضع عدد من الحوافز في التخصصات الطبية لتكون جاذبة للجنسين، متسائلين في الوقت نفسه عن المعايير الخاصة التي تضعها وزارة الخدمة المدنية لقياس المؤهلين وأعدادهم. وأرجع عضو مجلس الشورى الدكتور زين العابدين بري ل«شمس» أسباب وجود ما يزيد على 57 ألف وظيفة متاحة تعذر إحلالها بالسعوديين إلى كيفية الإنفاق على التعليم والتدريب في المملكة، مبينا أن المخصصات المالية من الموازنة العامة للدولة تشير إلى وجود 125 مليارا تنفق على قطاع التعليم، مؤكدا أن جزءا مما ينفق على التعليم ينتج البطالة أحيانا. وذكر أن الإنفاق على تخصصات مثل اللغة العربية وعلم الاجتماع والاجتماعيات وغيرها لا تجد لها وظائف في القطاع الخاص أو العام يصنع البطالة. وأوضح بري أن القيمة المضافة للريال الذي ينفق ينتج منه إضافة سلبية وليست إيجابية؛ لأنها تصنع بطالة ومطالبة، لافتا إلى عدم وجود دراسة شاملة عن سوق العمل لمواءمة مخرجات التدريب والتعليم على أساسها. ورأى أن المجتمع لا يزال في مرحلة يعتقد فيها البعض أن التعليم من أجل التعليم وليس من أجل سوق العمل، مطالبا بتقنين بعض التخصصات في الجامعات الحكومية على أساس سوق العمل «من يريد تعلم الشعر والفن التشيكلي ليذهب إلى جامعة أهلية؛ لأن المجتمع والاقتصاد لا يريده ولايحتاج إليه». واعتبر بري الوظائف التي كشفها تقرير وزارة الخدمة المدنية ستسد 10 % من إجمالي البطالة الموجودة، إذا كانت البطالة تتخطى نصف مليون عاطل من الجنسين حسب الإحصاءات، داعيا إلى إعطاء حوافز لتخصصات العلوم الطبية المساعدة لتكون أكثر جاذبية للسعوديين والسعوديات. من جهتها، وصفت الخبيرة الاقتصادية ريم أسعد ل«شمس» التقرير بأنه ناقص التفاصيل، «لا نستطيع الجزم بصحة ما جاء في التقرير ومطابقته بنسب البطالة الموجودة لدينا، ولكي نعرف المستوى الفني والأكاديمي لنسب العاطلين لا بد من العودة إلى تقرير مؤسسة النقد السعودية ال46 الذي يوضح نسب البطالة بين الجنسين لعام 2009 مصنفة حسب مؤهلاتهم العلمية». وتساءلت عن المعايير التي تعتمدها الوزارة لكي تقر بأن مؤهلات طالبي العمل لا تفي بحاجة المعروض من الوظائف، «الوزارة بينت أن التخصصات أكثرها طبية، والتخصصات الصحية نالت نصيبا وافرا من الابتعاث منذ أكثر ما يقارب 20 عاما، وهل يعقل أن هؤلاء المبتعثين لم يفوا بحاجة سوق العمل خصوصا أن الابتعاث ما زال قائما». من جهتها، أرجعت المدير العام لمركز معارف الصحة للاستشارات الصحية والتدريب والبحوث بالدمام الدكتورة ناهدة الزهير، عدم وجود كفاءات نسائية في القطاع الطبي إلى نظرة المجتمع للمرأة العاملة في القطاع الصحي عموما والعمل في المستشفيات خصوصا، «المجتمع لا يحب أن يرى المرأة السعودية ابنة وأما وأختا وزوجة تختلط بالرجال وتسهر بقربهم في الليل، بل تساعدهم أثناء تلقي العلاج الطبي، فنجد المرأة ترفض هذه التخصصات التي تعرضها للمساءلة أمام الرجل ولن تختارها منذ البداية.