طالب عدد من المختصين مراعاة المرضى النفسيين والعقليين المتهمين في قضايا والأخذ في الحسبان عند إصدار الأحكام عليهم تاريخهم المرضي وعدم قدرتهم على التمييز بين الصواب والخطأ، الأمر الذي يجعلهم في منأى عن تطبيق العقوبات الشرعية بحقهم. وأكد المستشار القضائي الخاص مستشار جمعية الصحة النفسية بدول الخليج والشرق الأوسط صالح اللحيدان ل«شمس» أن على الجهات المعنية بالنظر في مثل تلك القضايا التحري وجمع المعلومات والبيانات والاستعانة بالقضاء الجنائي والطب النفسي التحليلي والطب النفسي السليم وتاريخ الجاني من خلال ملفه الخاص قبل الحكم عليه. جاء ذلك تعليقا على الحكم الذي أصدرته المحكمة العامة في مكةالمكرمة أخيرا بسجن مختل عقلي في عقده الثاني أربعة أعوام، وجلده ألفي جلدة على 40 مرة بعد إدانته باختطاف طفلة وفعل الفاحشة بها، وسط محاولات من أسرته لتفادي تنفيذ الحكم بعد صدور أمر من قسم شرطة العزيزية بتسليم الشاب لهم توطئة لإحالته إلى السجن العام لتنفيذ الحكم، بعد أن أكدت والدته أن ابنها لا يدرك أفعاله وتمسكت بعدم تسليمه للشرطة. وكان القضاة الثلاثة الذين أصدروا الحكم شددوا على إنفاذه، مشيرين إلى أن تقرير «الصحة النفسية» بالطائف يؤكد أن حالة الجاني العقلية أقل من الطبيعي وأن نسبة الذكاء لديه 55 مع وجود نقص عقلي «تخلف عقلي بسيط» وتدني في القدرات المعرفية وسوء الحكم على الأمور وهو ما خفف عنه الحكم بحد الحرابة. وطبقا للمستشار اللحيدان فإن المدعى عليه تصنف حالته العقلية بالدرجة الأولى من الاختلال العقلي، مشيرا إلى أن التخلف العقلي أو الخلل درجات أولها يكون معه المريض فاقدا للوعي مع عدم الإدراك، فيما تليها الدرجة الثانية أن يكون المريض واعيا أحيانا وفاقد وعيه في بعض الأوقات ويغلب عليه عدم الوعي بينما يكون المريض في الدرجة الثالثة متقطع الخلل ويكون مقبول الوعي ويصنف صاحب هذه الدرجة بانفصام الشخصية. وأضاف أن من تنطبق عليهما الدرجتان الأولى والثانية لا يكون معه الحكم الشرعي فيما يحق للقاضي الاجتهاد فيمن يندرج مرضهم من الدرجة الثالثة: «التخلف العقلي ليس مرضا نفسيا إنما هو مرض عقلي». وأضاف عضو مجلس الشورى الدكتور حاتم الشريف أنه إذا ثبت طبيا إصابة الجاني بالاختلال العقلي وأنه لا يستطيع التحكم في أقواله وأفعاله فهذا مرفوع عنه القلم وعلى المجتمع حمايته، مشيرا إلى أن مصابي مرض الاختلال العقلي ينقسمون إلى درجات ومنهم من يسمون بالانفصام الشخصي وهم أحيانا يبدون في وضعية أسوياء، بينما هم يعيشون في تدهور عقلي. ولفت إلى أن قضاياهم تحتاج الأخذ في الحسبان قبل استصدار الأحكام الشرعية بحقهم ما يصدر بشأنهم من تقارير طبية من ذوي الاختصاص باعتبارهم جهة موثوقة ومؤتمنة وذات اختصاص. أما عضو لجنة إصلاح ذات بإمارة منطقة مكةالمكرمة والداعية بسجون العاصمة المقدسة أحمد أبو علوة فأشار إلى أن الإسلام رفع عن مثل هؤلاء العبادات بقوله صلى الله عليه وسلم: «رفع القلم عن ثلاث...».. ومنهم «المجنون حتى يفيق». وأضاف أن أصحاب حالات الاختلال العقلي يعاملون كالأطفال وهو ما يجعل بيئة دار الملاحظة مناسبة لهم إن كان لا بد من الحجر عليهم لأي سبب يطرأ. وأضاف أن الشرع كما هو مأمور بحفظ الحواس الخمس ومن بينها الأعراض والأموال والأنفس فإنه كذلك لا يبيح الحكم على المخالفين من المختلين عقليا بالسجن أو الجلد وإنما بوضعهم بمستشفى أو مصحة نفسية امتثالا لقوله صلى الله عليه وسلم «...والمجنون حتى يفيق». لافتا إلى أن السجن والجلد لا ينبغي تعميمه على من رفع الله عنهم أمور عبادته لفقدهم نعمة العقل وهو ما لا يستطيعون معه التمييز بين سائر الأمور ومعرفة الخطأ منها والصواب. وكانت سيدة إفريقية أبلغت أن الشاب اختطف طفلتها « عشرة أعوام» بينما كانت تتسول على مقربة من أحد المحال بحي الهجرة وتوجه بها لمبنى سكني تحت الإنشاء وفعل بها الفاحشة. وقد توجهت الدوريات إلى الموقع وعثرت على الشاب الذي تعرفت عليه الطفلة. إلى ذلك أكد حسين م عم الشاب ل«شمس» أن المدعى عليه ووالديه جميعهم يعانون الاختلال العقلي وهم يعيشون تحت وصايته ورعايته، مشيرا إلى أنهم يواجهون موقفا عصيبا بعد أن طالبتهم الشرطة بتسليم ابن شقيقه لتنفيذ العقوبة الصادرة بحقه .