من بين توابع الأزمة الاقتصادية العالمية التي لم يلحظها العالم كثيرا، كانت حركة الهجرة إلى إسرائيل، فعلى مدى العامين الماضيين ارتفع عدد اليهود الذين حصلوا على الجنسية الإسرائيلية، ولكنه كان دون المأمول إسرائيليا بشكل كبير. يقول «ناتان شارانسكي» المنشق السوفيتي السابق، الذي تولى منصب رئيس الوكالة اليهودية من أجل إسرائيل في العام الماضي، في حديث لصحيفة الفاينانشيال تايمز البريطانية: إن هناك عدم استقرار اقتصادي في العالم، ولكن ما تقوم به إسرائيل اقتصاديا يعد جاذبا لبعض يهود الشتات في العالم. وعلى الرغم من الترحيب بالمهاجرين كمواطنين إسرائيليين جدد، فإن المؤسسة المسؤولة في القدس على تشجيع الهجرة توافق وتقر بأن عصر الوافدين الجماعي قد انتهى، وحتى في عام 2010، يتوقع شارانسكي أن 18 ألف يهودي فقط سيقبلون إجراء «عالسية» وهي كلمة بالعبرية تعني الصعود والانتقال إلى إسرائيل، وهو الأمر البعيد كل البعد عن موجات الهجرة إلى إسرائيل في أوائل تسعينيات القرن الماضي، عندما وفد إليها مئات الآلاف من اليهود من الاتحاد السوفيتي السابق. ويقول شارانسكي، وهو وزير الإسكان الإسرائيلي، على الرغم من تحذيره لإسرائيل لكي تظل متابعة للمجتمعات اليهودية المحلية في دول معادية لهم مثل إيران، يقول: إن أيام الهجرة الجماعية ولت إلى غير رجعة، فنحن لسنا بصدد إنقاذ يهود يتعرضون لمذابح أو محارق أو حتى للاضطهاد؛ فهذه المجتمعات التي تعيش في ظروف من هذا القبيل أصبحت قليلة. ويضيف شارانسك قائلا: إن 94 % من اليهود يعيشون اليوم في العالم الحر، كما أضاف: إن هؤلاء اليهود يستطيعون تقرير مصيرهم سواء للعيش داخل إسرائيل أم لا، وخلافا لآمال الصهاينة القدامى، أصبح القرار المتخذ الذي أجمعت عليه آراء أغلبية اليهود باكتساح في أمريكا وأوروبا، هو عدم الهجرة إلى إسرائيل. وقد تسبب ذلك في الشعور بالهلع وخيبة الأمل في إسرائيل، تلك الدولة التي تأسست على أساس عقيدة أيديولوجية تقول إن على جميع اليهود أن يعيشوا في دولة خاصة بهم، فضلا عن ذلك يؤدي الانخفاض في أعداد المهاجرين إلى إثارة المخاوف بشأن التوازن الديموجرافي في البلاد. وفي الوقت الراهن، لا يزال عدد اليهود الإسرائيليين يتفوق على العرب الفلسطينيين في الأراضي المتنازع عليها بشدة بين نهر الأردن والبحر الأبيض المتوسط، لكن من المحتمل أن يتغير ذلك، في ظل سرعة تزايد النمو السكاني، على الجانب الفلسطيني، وانخفاض أعداد المهاجرين من اليهود إلى إسرائيل على الجانب الآخر. ويقول شارانسكى: إن هذا الاتجاه الديموجرافي فقط لا يشكل سببا كافيا لإقناع اليهود بالهجرة إلى إسرائيل. جدير بالذكر أنه حين أطلق سراح شارانسكي من السجن السوفيتى عام 1986، الذى قضى فيه تسعة أعوام بتهمة العمل على إعادة اليهود للعيش في إسرائيل، هاجر إلى إسرائيل عام 1989، وانخرط في مجال السياسة، وأصبح زعيم أول حزب روسي في إسرائيل، وهو الذي يعمل لصالح المهاجرين من الاتحاد السوفيتي السابق، ويلعب أيضا شارانسكي دورا محوريا في إقامة الروابط بين جماعات الشتات اليهودية ودولة إسرائيل في وقت مليء بالتوتر المتزايد، ويقول المعلقون: إن اليهود الليبراليين في أمريكا يتجهون بعيدا عن إسرائيل. ويقول شارانسكي: إن الصلة بين اليهود الأمريكيين وإسرائيل قوية للغاية. ويضيف قائلا: والخطر الرئيسي هو التراجع التدريجي للحياة اليهودية خارج إسرائيل، بسبب استيعابهم لعادات وتقاليد أخرى، وعلى الأغلب بالزيجات المختلطة: في كثير من الأماكن إن نحو 50 % من الزيجات في المجتمع اليهودي هي زيجات مختلطة.