يندر في مجتمعنا العزيز أن تجد شخصا على مشارف الستينات لا يكثر الشكوى من أوجاع الظهر أو آلام المفاصل، أو ارتفاع الكوليسترول.. إلى آخر قائمة الشكاوى التي يجاوز طولها قائمة «المقاضي»! ويحلو لهذا الشاكي أن يعود بك – حين تستفسر عن السبب - إلى آخر عهده بالرياضة الذي انتهى مع آخر حصة «بدنية» تلقاها بالمدرسة.. أو إلى وجبات الإفطار العابقة برائحة السمن البلدي، أو الغداء الغارق في الزيت. فالتفسير المنطقي الوحيد هو أن الدنيا دار تعب ونصب، والإنسان لا يكف عن التقلب في سوء أحوالها، فلا راحة ولا نعيم إلا في الآخرة. يذكرك هذا التفسير المبني على قاعدة «التواكل» والأخذ بعكس الأسباب، بالرجل الياباني الكبير في السن، الذي تسابق هو وأحمد الشقيري وغلبه في إحدى حلقات خواطره. كأن الزمان يتحاشى المرور على جسد ذاك الياباني وأمثاله. وقلما تنصح أحدهم بمزاولة الرياضة، دون أن يسرد لك ماضيه المشرف حين كان يتغلب على أقرانه في كرة القدم، حتى يراودك الشك في وجود أحد لم تكن له الغلبة في صغره.. وكأن للعب والرياضة في الطفولة رصيدا يمد الإنسان بالطاقة واللياقة مدى العمر! وتكون المصيبة حين نخطئ في إدراك مفهوم «الرياضة أو اللياقة» بالشكل المطلوب، وأبرز مثال على ذلك ما بات ملاحظا من تهافت كثير من الشباب على صالات الرياضة التي تجعل المظهر جل اهتمامها، ويتسابق فيها الشباب على رياضات بناء وكمال الأجسام، فيرعبك منظر الواحد منهم بعضلاته المفتولة البارزة من ملابسه الضيقة، دون أي زيادة في قوته، فهي لا تعدو كونها مظهرا يجعله شبيها بال body guard.. من المؤسف أن يكون الوضع على ما هو عليه، مع أننا نملك مرجعية دينية تختصر علينا الطريق، وتكفينا عناء الأخطاء التي بات بعضها قاتلا.. ف «علموا أبناءكم السباحة والرماية وركوب الخيل» و«ثلث لطعامك وثلث لشرابك وثلث لنفسك» هي قواعد تقينا – بفضل الله - شرورا لا تحصر.