شخصية سنفور غضبان في المسلسل الكرتوني الذي يعبّر عن كرهه لكل شيء، متذمرا على الدوام من الحالة التي هو فيها، ولا يرغب في الوقت ذاته في بذل أي جهد لتغييرها، شخصية تذكرني بحال كثير من الأطفال والمراهقين اليوم، فهم متذمرون على الدوام ويشعرون بالملل و «الطفش» على مدار الساعة، رغم توافر كم هائل من وسائل الترفية كالتلفاز والحاسوب والهواتف، بالإضافة إلى «البلاي ستيشن» وغيرها، وباتت في متناول الجميع، إلا أن الغالب يعبر حال السؤال عن حاله بالملل من الحال التي هو فيها! وقد يكون أحد أسباب هذه الظاهرة هو ابتعاد الأطفال عن مفهوم المشاركة في اللعب، حيث نلاحظ أن أغلب وسائل الترفيه أصبحت تعزل الأطفال عن بعضهم، فيقضي وقته في ممارسة الألعاب مع نفسه دون أن تشترط اللعبة كالسابق مشاركة الآخرين معه، ولو اعتبرنا أن تلك ميزة للطفل الوحيد في داخل عائلة صغيرة إلا أنها ستخلق خللا في النمو الطبيعي للطفل. وتؤكد الدراسات أهمية اللعب، كونه يقضي على السلوك الأناني، من خلال الألعاب الجماعية التي تساعد في تشكيل هويته الاجتماعية واكتساب دوره في المجتمع ويرتبط الإبداع والتطور من خلال اتصاله مع الآخرين. واللعب ضرورة وليس ترفا كما هو سائد، حيث يحتاج الطفل إلى تفريغ الطاقة الزائدة وتنفيس الرغبات المكبوتة وتنمية مهارات الاتصال بالآخرين لديه من خلال اللعب، فالأطفال الذين يلعبون كثيرا ويختلطون ببعضهم هم الأطفال الأكثر ذكاء وتفوقا في الدراسة. حيث تتشكل مراحل نمو الطفل فيلعب أغلب أوقاته بالحركة ليكتشف الأشياء من حوله ويتطور مع التقدم في السن إلى اللعب التخيلي أو الإيهامي، ولينتقل إلى اللعب العقلي. وتعد هذه المرحلة -خاصة سن المراهقة- مرحلة خطيرة في تشكّل الشخصيات والسلوكيات، فبداخل كل منهم طاقة تظل خامدة كبركان لا تقدر وسائل الترفيه الجديدة على امتصاصها والتنفيس عنهم، وبات من الضروري توفير بيئة ملائمة لقضاء وقت الفراغ ومشاركة الآخرين وتكون إضافة للنمطين السائدين «المنزل والمدرسة».