في الشهر الماضي كشفت وزارة الشؤون الاجتماعية أنها قبضت من خلال مكتب مكافحة التسول على 3459 متسولا ومتسولة من المواطنين، والقبض على المتسولين من المواطنين ليس جديدا، لكن ما تضمنه التقرير في داخله يحمل معاني عدة، فحسب التقرير وعلى سبيل المثال، فإن الرياض ضبط فيها 679 متسولة، وفي القصيم 418 متسولة، ويشير التقرير أيضا إلى أن المقبوض عليهن من العاطلات عن العمل، إضافة إلى أن غالبيتهن من المطلقات والأرامل. هذه المعلومات صادرة عن وزارة حكومية، ومن الواضح أن هذه المعلومات مستقاة ميدانيا من خلال التحقيق والبحث في شؤون المقبوض عليهن.. وربط أن تكون المرأة المتسولة عاطلة عن العمل، إضافة إلى أزمة اجتماعية تعانيها مثل الطلاق أو أن تكون أرملة، لا يحتاج إلى ذكاء ليستنتج أن خيار التسول مفروض عليها، وأنه لو توفر لها البديل لما انساقت خلفه. الانسياق في امتهان المرأة للتسول بعيدا عن الحديث عن دور المجتمع أو الدولة في الحد منه يضعنا في مواجهة مع الواقع، فهناك من حرم أن تعمل المرأة، لكنه لم يقدم حلولا، وقوله أو رأيه أو فتواه حسب ما تناقلته بعض وسائل الإعلام ملزم للجهات المعنية بالتوظيف في البلاد، فيما الواقع يقول -بالأرقام الرسمية- إن البطالة بين النساء تدفع بالمرأة إلى الشارع طلبا للرزق، وفي الشارع يوجد ابن الحلال الذي يعطي لوجه الله، وهناك أيضا من يتصيد حاجات الناس، وخطر هؤلاء أشد من غيره. الأكيد أن عمل المرأة تحول إلى ملف في التجاذبات الفكرية، فهناك من يصور حصولها على وظيفة بأجر زهيد انتصارا، فيما آخر يرى أن حرمانها من هذا الأجر الزهيد هو انتصار، وبين الانتصارين كر وفر، والطرفان في مجالسهم الوثيرة، بينما بقيت المرأة في الشارع تستجدي أولاد الحلال وغيرهم.