لم تقف الإعاقة الحركية التي ابتلي بها عدد من الشباب، حاجزا أمام بعض الفتيات السعوديات، لقبول هؤلاء المعوقين شركاء في الحياة. ولم تمنع الضغوط الحياتية والمادية العديد من المعوقين، من إتمام زفافهم فرادى، ومع ذلك فضلوا الزواج الجماعي، تكريسا لنظرة البركة في الجمع. داخل مركز الملك فهد الثقافي بالرياض، أمس الأول، كان الحفل الذي زينته مشاركة 77 معوقا حركيا، ونظمته جمعية الإعاقة الحركية للكبار «حركية» للسنة الثانية، وتوّجه حضور أمير الرياض بالنيابة الأمير سطام بن عبدالعزيز. اصطف العرسان، وأعلنوها على الملأ، لسنا في حضور جماعي، يكرس مبدأ الحاجة، ولكننا في حضور يجسد معنى المشاطرة «نحن في حاجة إلى الدعم المعنوي، ووجدنا في «حركية» الدعم المطلوب، لذا كان الجمع إيذانا بالحفل الثاني الذي تنظمه الجمعية لزواج المعوقين حركيا». وأكد المعوقون أن الفتيات بتن لا يتقيدن بضرورة الاقتران بأصحاء، بل الهاجس الآن الزواج بمن يستطيع الحفاظ على الحياة الأسرية. الشاب عبدالله الصوينع نموذج لمعوق اقترن بفتاة سليمة «زوجتي التي اقترنت بها ليست من ذوي الاحتياجات الخاصة، بل سليمة، ولكن عندما تقدمت لها رضيت بي زوجا لها، رغم أنني معوق حركيا، مع علمها الكامل وأسرتها بذلك، لكنها تريد إكمال نصف دينها، ولكن للأسف هناك فتيات يشترطن مواصفات في الزوج، وربما يطول انتظارهن، لأنها غير موجودة في أي شخص». قدرة مادية وأوضح أن مشاركته في الزواج الجماعي كانت برغبة منه وتشجيع من أسرته، وعلى ذلك ساهمت جمعية «حركية» في مساعدتهم في الزواج، مشيرا إلى أن الجمعية تقدم لكل شاب دعما ماليا من تكاليف الزواج «ليس هناك أسباب في إقبال المعوق أو المعوقة لإتمام زفافهما في إطار الزفاف الجماعي، وإنما مشاركة وسعة صدر، صحيح أن كل شاب معوق يستطيع إقامة حفل زواج خاص، ولكن ما دام هناك شرف الزفاف بحضور راعي الحفل الأمير سطام بن عبدالعزيز، فما الداعي إلى تفضيل الفردية على الجماعية». واعترف الصوينع أنه انتظر طويلا لإتمام زفافه، إلا أنه فضل عدم ذكر الأسباب، مشيرا إلى أنه حريص على عدم تتبع نظرة المجتمع لهم كمعوقين «من يتتبع نظرة المجتمع لأي شيء، لن يخرج من بيته، ولكن لا تتابع نظرة المجتمع لكي تعيش مع العالم». وبين الشاب محمد البلوي أن مشاركته في حفل الزواج الجماعي كان برغبة كاملة منه «انضممت للحفل وأنا بكامل قواي العقلية، والأمر لا يعد حرجا بقدر ما يعد دعما معنويا كبيرا لنا معشر المعوقين، وتأكيدا لدعم الدولة لنا، وفي مقدمتهم الأمير سطام، والداعمون الرسميون لجمعية حركية، وليعرف الجميع أنه ليست هناك عوائق لإتمام زفاف المعوق أو المعوقة بعيدا عن الزفاف الجماعي»، مشيرا إلى أن زواجه سيتم بعد 20 يوما، وأن حضوره في مركز الملك فهد الثقافي في إطار الدعم الذي يحصل عليه من الجمعية. وأشار إلى أن «بعض المعوقين ليست لديهم القدرة الكافية لإقامة حفل زواج فردي، لذا فالحفل الجماعي يعد فرصة لإتمام الزفاف، الذي ربما يكون متأخرا بما يصل إلى عدة أعوام، دون أن يحمل نفسه ما لا يطاق من مصاريف وتكاليف». واعتبر نظرة المجتمع للمعوقين باتت متحسنة بشكل كبير «الكثيرون ينظرون إلينا كأننا أسوياء وأصحاء مثلهم، ما يخالف الماضي، حيث النظرة السلبية تجاه المعوق». وانتظر سامي السبيعي خمسة أعوام قبل إتمام زفافه أمس الأول، لكن المدة الماضية كان يخضع فيها للعلاج المتواصل «حضوري في حفل الزواج الجماعي الذي أقامته جمعية حركية، كان برغبتي وموافقة أسرتي». وذكر العضو المؤسس في جمعية حركية عبدالله بن سعيد أنه أحد الذين تزوجوا بعيدا عن الزواج الجماعي «ولكن لما فكرنا في هذه الفكرة، أردنا تسليط ضوء المجتمع، أو كما يقال نضرب عصفورين بحجر واحد، فمن جهة نثبت للمجتمع كله أن المعوق قادر على الزواج وبناء أسرة، ويكون عضوا فعالا في المجتمع، حيث يدرس ويكمل تعليمه ويحصل على وظيفة، ويؤسس بيتا». وأشار إلى أن طول المدة التي تسبق الزفاف ليست صحيحة «طلبنا 100 شاب، ولم يتقدم إلا 77 شابا تقريبا، وهذا يعني أنه ما زال لدينا 23 مقعدا شاغرا». معوقات المعوقين وعن المعوقات التي تمنع المعوقين حركيا، بين ابن سعيد «نجمل العوائق في عدة نقاط: في التعليم والوظيفة والمسكن وتقبل المجتمع، بحيث إننا نعيش بصفة شبه طبيعية مع أفراد المجتمع الآخرين، أيضا البيئة غير مهيئة لأن يمارس المعوق حياته اليومية بشكل طبيعي، وهذه من أهم المعوقات أمام المعوق». وأوضح أن الحوادث وصلت زهرة الوطن في سن ما بين 14 إلى 21 عاما «أعرف شبابا كثر، كان طموحهم لا يتجاوز الثانوية العامة، وبعد الإعاقة انفتحت لهم مجالات كثيرة، منها مواصلة الدراسات العليا بين الماجستير والدكتوراه، وهناك نماذج كثيرة على هذا الأمر». لا مشكلات وسارعت مديرة القسم النسائي بجمعية حركية سهام جستنية للتأكيد على نجاح النموذج الأول للزفاف الجماعي الذي نظمته حركية، نافية أي إشكاليات راجت عنه «رصدنا ثلاث حالات إنجاب من الزواج الأول، ولم ترد للجمعية أي مشكلات بين المتزوجين، وجمعيهم يعيشون في جو أسري حميم، ولا تكتفي الجمعية بالزفاف الجماعي، بل تعقد دورات للمتزوجات، وهذا الزواج الثاني الذي احتفينا به، سبقته دورات للفتيات بعنوان كيف تكونين غدا عروسا، وهناك توعية وتثقيف لهن». وأشارت إلى اهتمام الأمير سطام وشعوره بالمسؤولية تجاه ذوي الاحتياجات الخاصة، ويشجعهم على الاندماج في المجتمع ليستطيعوا العيش ضمن أسرة كبقية أفراد المجتمع «من حق المعوقين أن يحظوا بحقوقهم من المجتمع»