ما معنى ألا يكون هناك برنامج حكومي لدعم المواطنين لامتلاك بيت أو شقة أو حتى ملحق في سطح عمارة أربعة أدوار بلا مصعد؟ أي مكان يستطيع 78 % من السعوديين الخروج به من هذه النسبة المخيفة؟ نعم، الأغلبية لا يملكون مسكنا، بل يتنقلون بين الشقق المستأجرة ليعيدوا سيرة أجدادهم الرحل! ولا أستبعد أن يخرج أحد المسؤولين ليطلب تغيير نمط حياتهم ليقتنوا خيمة بمكيف صحراوي يتواءم مع ثقافتنا وخصوصيتنا. لا نريد مساكن بالمجان توهب لكل مواطن، ولن نرفض ذلك بالطبع، لكننا نريد برنامجا ميسرا تدعمه الحكومة يستهدف الطبقة المتوسطة والدنيا، يجعل امتلاك مسكن أمرا ممكنا على الأقل وليس حلما جميلا نضيفه إلى قائمة أحلامنا الطويلة التي لم يعد يكفيها ليلة نوم واحدة! ليس مفهوما أبدا عدم وجود مثل هذا البرنامج مع أن دولا كثيرة حولنا تمتلك برامج دعم واضحة وفعالة، وليس بعيدا عنا البرنامج المصري الذي بدأ في توفير شقق سكنية بمقدم خمسة آلاف جنيه وأقساط ميسرة جدا على 20 سنة. نتحدث هنا عن بيت.. عن مأوى.. عن أرق إنساني أبدي.. فليس أهم على الإنسان من امتلاك مسكن. ولكن خطط التنمية لدينا تعد وتؤجل، تعد وتؤجل. وكأن حل هذه المعضلة هو فقط بإدراجها ضمن الخطط الخمسية بجملة عابرة ليس لها معنى سوى التأجيل. المستفيد من هذا التجاهل والتأجيل هو فقط الشركات العقارية وملاك الأراضي الذين لا يبذلون أي جهد في تسهيل الحصول على مسكن لأن السوق «عمرانة» والمواطن أضحى ألعوبة بين أياديهم التي لا تشبع من استلام مقدمات العقود. لن يفهم أحد أهمية امتلاك مسكن إلا عندما يرى تلك النظرة الخائفة لأب تجاه أسرته. وليس أكثر أهمية من الشعور بالأمان الذي تكسره دائما طرقات المالك على بابك لاستلام الإيجار.