لم يجد إنسان «الجبل الأسود» شمال شرق منطقة جازان أدنى صعوبة في التكيف مع بيئة جبلية صعبة المسالك لأن الطبيعة الساحرة التي يعيش وسطها أنسته نقص الخدمات طوال عقود من الزمن على الرغم من أنه يعتبر من أهم المواقع السياحية بالمملكة؛ فهو يقع على ارتفاع يزيد على عشرة آلاف قدم وتكسوه الغابات الكثيفة من أشجار العرعر والنباتات العطرية والمعمرة مصحوبة بأجواء عليلة ومدرجات زراعية وأمطار غزيرة طوال العام وسحب من الضباب لتضيف على الجبل رونقا وجمالا. لعل أول الطريق لهذا الجبل، حيث قادنا المعلم علي عقيلي، يشكل معاناة يومية للمعلمين والطلبة وبشكل خاص القادمين من خارج الموقع، وأشار إلى أن مركبات الدفع الرباعي هي الوحيدة القادرة على اجتياز طرقات الجبل وما عداها فهي تتوقف اضطراريا في أول الطريق الصخري؛ لذلك فإن أحد مطالب الأهالي الدائمة هي التزفيت ولو لجزء من طرقات الجبل الأسود لتسهيل حركة تنقل المواطنين والمعلمين والطلبة والسياح: «خطر الطريق يكمن أيضا في عقبة الهواية التي يسميها سكان الجبل عقبة الموت لكثرة الحوادث التي شهدتها». تخطيط عشوائي أما المواطن جابر العزي فاتفق مع المعلم عقيلي فيما ذهب إليه من سوء الطريق، متهما الشركة المنفذة للطريق بتخطيطه بطريقة عشوائية دون مراعاة لراحة مستخدميه: «طريق الهواية يعتر بوابة الصعود إلى الجبل عرضة للسيول التي تدهمه من كل مكان، إضافة إلى الانهيارات الصخرية التي أصبحت شبحا أمام المواطنين والزائرين الذين أتوا من أماكن بعيدة للاستمتاع بمناظر الجبل وأجوائه الجميلة». ابتدائية للبنات على الرغم من تطور الوسائل التعليمية في مختلف مدن وقرى ومدارس المملكة إلا أن التعليم في مدرستي البنين والبنات في الجبل الأسود توقف عند المرحلة المتوسطة للبنين، أما البنات فهن يكتفين بالمرحلة الابتدائية وبعدها يلزمن منازلهن. أما ما يخص المباني فلاتزال بدائية جدا من حيث الفصول الدراسية ومن حيث السعة والأسقف والإنارة، إضافة إلى أنها تعمل بمولدات الديزل لعدم وصول الكهرباء للموقع وللجبل بشكل عام. ويبدو أن الفوانيس ستكون مستخدمة حتى هذه اللحظة كمصابيح للإنارة في غالبية منازل الجبل، فعند دخولك منازل أهالي الجبل الأسود أو زيارتك لها ليلا فإنك تشاهد أضواء الفوانيس تنبعث خافتة من منازل البسطاء، أما ميسورو الحال فهم يشترون مولدات خاصة يشغلونها طوال اليوم ساعات مما سبب لهم زيادة في النفقات لشراء الوقود والزيت، فضلا عن الأعطال الدائمة للمولدات «حتى الجامع الذي نجتمع فيه لأداء الصلوات فإنه يستخدم فانوسا معلقا قرب المحراب لإضاءة المكان ناثرا روائح الوقود المزعجة بين المصلين خاصة المصابين بأمراض الربو والحساسية. إحباط الكهرباء وأشار يحيى العزي إلى أن مطالبات سكان الجبل بالكهرباء استمرت 12 عاما حتى أسفر الأمر أخيرا عن اعتماد مشروع الكهرباء: «إلا أن فرحتنا لم تطل كثيرا، حيث فوجئنا بتأخر تنفيذ المشروع الذي بدأ العمل فيه قبل ثلاثة أعوام، ولم تصل الجبل بعد مع أن المسافة من الخط الناقل للكهرباء إلى الجبل لا تتجاوز ال 11 كيلومترا وهو ما أحبط ستة آلاف نسمة من سكان الجبل والقرى المجاورة لهم وهي رحب والجوين والصهاليل ومروس وضيعة العزين». برك ومستنقعات علي مطري العزي ذكر في حديثه ل«شمس» أن سكان الجبل يعانون منذ زمن من قلة المياه رغم أن الحال تحسن بعد اعتماد مشروع السقيا، إلا أن تقاعس المتعهد أعادهم للمربع الأول: «أصبحت السقيا لا تصل إلى الجبل إلا مرة واحده في الشهر مما اضطر بعض السكان إلى الشرب من البرك المكشوفة والمستنقعات التي تتجمع حولها الحشرات مما يهددهم بانتشار الأمراض وخاصة الالتهاب الكبدي الذي انتشر بين السكان بصورة كبيرة، حيث أخذ فريق طبي عينات من البرك المكشوفة وأصدر تقريرا بعدم صلاحيتها للشرب». وناشد أحمد العزي الجهات المختصة بتشديد الرقابة على المتعهدين للسقيا حتى يقوموا بعملهم على الوجه المطلوب.